للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهمٍ، إنه زعم أن الله لم يتَّخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلِّم موسى تكليمًا، تعالى الله عما يقول الجعد علوًّا كبيرًا». ثم نزل فذبحه في أصل المنبر بيده (١).

ثم تبنَّى مذهبه الجهم، فأظهره وأشهره وناظر في نصرته حتى عُرِف به ونُسِب إليه، إلى أن قتله سلم بن أحوز أمير خراسان بها في سنة ١٢٨ هـ، ولكن بعد أن فشت مقالته (٢).

ثم انتشرت مقالة الجبر في الناس عن طريق الجهميَّة، فتأثر بها بعض مثبتة القدر في الجملة الذين كانوا يردُّون على المعتزلة مقالتهم في نفي القدر، ومنهم الأشعريَّة الذين وافقوا الجهميَّة في أصل مقالتهم في الجبر، وإن خالفوهم في بعض تفاصيلها، كما سيأتي.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «فإن الأشعريَّة وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعًا لفظيًّا؛ أتوا بما لا يُعقَل» (٣).

فنتج عن هذا -وبعد تبنِّي الأشعريَّة مقالة الجبر- أن انقسم الجبريَّة إلى قسمين:

القسم الأوَّل: (جبريَّةٌ غاليةٌ -ويُقال: خالصةٌ-، وهم الجهميَّة ومن وافقهم)؛ ينفون عن العبد الفعل والقدرة والكسب، فيزعمون أنه ليس للعبد فعلٌ ولا قدرةٌ، وإنما الفاعل القادر هو الله، وليس للعبد كسبٌ يستحقُّ عليه ثوابًا أو عقابًا،


(١) البداية والنهاية (٩/ ٣٥٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٠/ ٦٧) البداية والنهاية (٩/ ٣٥٠).
(٣) منهاج السنة (١/ ٤٦٣)، وانظر: مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>