١٩) اختلف المسلمون في مفهوم الحكمة والتعليل في أفعال الله بعد اتِّفاقهم على أن الله موصوفٌ بالحكمة. ومجمل أقوال الناس في ذلك ترجع إلى ثلاثة أقوالٍ:
القول الأوَّل:(قول أهل السنَّة وجمهور المسلمين). يقولون: إن الله تعالى يخلق لحكمةٍ، ويأمر لحكمةٍ، والحكمة صفة له قائمة به وهو حكيمٌ في خلقه، وأمره، لا يفعل شيئًا عبثًا ولا لغير معنىً ومصلحةٍ وحكمةٍ، بل أفعاله سبحانه صادرةٌ عن حكمةٍ بالغةٍ لأجلها فَعَلَ، كما هي ناشئةٌ عن أسبابٍ بها فَعَلَ.
القول الثاني:(قول الأشعريِّ وبعض الفقهاء وكثيرٍ من الظاهريَّة كابن حزمٍ وأمثاله). قالوا: الحكمة ترجع إلى علمه بأفعال العباد، وإيقاعها على الوجه الذي أراده. وإن أطلقوا لفظها فلا يعنون به معناها، بل يطلقونها لأجل مجيئها في القرآن، ولم يثبتوا إلا العلم والإرادة والقدرة.
القول الثالث:(قول المعتزلة وأتباعهم من الشيعة). قالوا: إنه يخلق ويأمر لحكمةٍ مخلوقةٍ منفصلةٍ عنه، من غير أن يعود إليه من ذلك حكمٌ ولا قام به فعلٌ ولا نعتٌ. وهذه الحكمة تعود إلى العباد، وهي نفعهم والإحسان إليهم؛ فلم يخلق ولم يأمر إلا لذلك.
٢٠) اختلف الناس في مسألة الصلاح والأصلح على ثلاثة أقوالٍ:
القول الأول:(قول أهل السنة). يقولون: إن الخلق لا يوجبون على الله شيئًا، لا فعل الصلاح ولا الأصلح، فالخلق خلقه والأمر أمره، لا يُسأل عما يفعل، ولا معقِّب لحكمه. ويقولون مع ذلك: إن الله له الحكمة البالغة فيما يخلق ويقدِّر، وفيما يأمر ويشرِّع. ويقولون: إن الله أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم.