٢٣) اختلف المسلمون في حقيقة الظلم المنفيِّ عن الله على ثلاثة أقوالٍ:
القول الأول:(قول أهل السنَّة). قالوا: حقيقة الظلم المنفيِّ عن الله تعالى: وضع الأشياء في غير مواضعها. فهو متنزِّهٌ عنه، مع اتِّصافه بكمال ضدِّه، وهو العدل الذي هو وضع الأشياء في مواضعها التي تليق بها. وهو سبحانه يفعل باختياره ومشيئته، فيعدل تفضُّلًا، ولا يظلم تنزُّهًا، وهو مستحقٌّ للحمد والثناء على تفضُّله وتنزُّهه.
القول الثاني:(قول الجبريَّة من الجهميَّة والأشاعرة ومَن وافقهم من الظاهريَّة). قالوا: الظلم هو التصرُّف في ملك الغير بغير إذنه، أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته. وكلاهما منتفٍ في حقِّ الله تعالى. وقالوا: إن الظلم ممتنعٌ عليه، وهو مستحيلٌ في حقِّه سبحانه، كالجمع بين النقيضين، وليس هو داخلًا في اختياره ومشيئته.
القول الثالث:(قول المعتزلة). عرَّفوا الظلم بأنه: إضرار غير مستحقٍّ. وقالوا: الظلم الذي يتنزَّه الله عنه هو الظلم الذي يكون من الآدميِّين بعضهم لبعضٍ. فشبَّهوا أفعاله بأفعال العباد، ثم زعموا أن خلقه لأفعال العباد وإرادته لأعمالهم وتعذيبه للعاصي ظلمٌ منه يتنزَّه عنه، وسمَّوا أنفسهم العدليَّة.
٢٤) اختلف الناس في مسألة الرضى بالقدر على ثلاثة أقوالٍ:
القول الأوَّل:(قول أهل السنَّة). قالوا: الرضى بالقضاء فيه تفصيلٌ باعتبار متعلَّقه؛ فإن القضاء إما أن يتعلَّق (بالطاعات والمعاصي)، أو (بالمسرَّات والمصائب).
وحكم الرضى به على وجهين:
الوجه الأوَّل: ما يُرضى به من القضاء. وهو على قسمين: