القسم الأوَّل: ما يُقدَّر للعبد من الطاعات. فهذا يجب الرضى به.
القسم الثاني: ما يُقدَّر على العبد من النعم والمسرَّات، أو النقم والمصائب مما لا يدخل في اختياره. فهذا يُشرَع الرضى به.
الوجه الثاني: ما يُقدَّر على العبد من الكفر والبدع والمعاصي. فهذا النوع فيه تفصيلٌ؛ فإن ما يقدِّره الله منها له وجهان:
الأوَّل: من جهة كونها فعلًا للعبد وكسبًا له؛ فهي مكروهةٌ مسخوطةٌ، فلا يُشرَع الرضى بها، بل يُشرَع بغضها وسخطها.
الثاني: من جهة كونها مخلوقةً للربِّ؛ فهي محبوبةٌ مرضيَّةٌ؛ لأن الله خلقها وقدَّرها لحكمةٍ، فيُشرَع الرضى بقضائه وقدره.
القول الثاني:(قول الجهميَّة وغلاة الجبريَّة). قالوا: الرضى بالقضاء قربةٌ وطاعةٌ، فنحن نرضى به ولا نسخطه. فنرضى بكلِّ ما قدَّره الله من المسرَّات والخيرات، وكلِّ ما جرت به المقادير من إيمانٍ وكفرٍ وطاعةٍ ومعصيةٍ وخيرٍ وشرٍّ.
القول الثاني:(قول المعتزلة القدرية). قالوا: الرضى بالقضاء مأمورٌ به، فنحن نرضى به. ولكن الكفر والذنوب ليست مقضيَّةً ولا مقدَّرةً من الله، وليست محبوبةً ولا مرضيَّةً له، فلا نرضى بها ولا نحبُّها، بل نسخطها ونبغضها.
٢٥) تنازع الناس في استطاعة العبد على أربعة أقوالٍ:
القول الأول:(قول أهل السنَّة).
قالوا: إن الاستطاعة نوعان:
الأولى:(استطاعةٌ متقدِّمةٌ على الفعل)، ومرجعها إلى الصحَّة وسلامة الجوارح. وهي المصحِّحة للفعل المجوِّزة له، وهي صالحةٌ للضدَّين الفعل والترك.