للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثانية: (استطاعةٌ مقارنةٌ للفعل)، ومرجعها إلى التوفيق وإعانة الله للعبد على الفعل. وهي الموجِبة للفعل المحقِّقة له، وهي لا تصلح لغيره.

القول الثاني: (قول الجهميَّة وطائفةٍ من الأزارقة).

قالوا: إنه ليس للعبد استطاعةٌ، لا قبل الفعل ولا معه.

القول الثالث: (قول المعتزلة والشيعة، وهو الغالب على نفاة القدر).

قالوا: للعبد استطاعةٌ تكون قبل الفعل، ولا تكون معه البتَّة. وهي صالحةٌ للضدَّين. ويستطيع بها العبد أن يفعل الخير والشرَّ، والطاعة والمعصية.

القول الرابع: (قول الأشاعرة وهو الغالب على مثبتة القدر).

قالوا: للعبد استطاعةٌ مع الفعل، لا تكون قبله. وهي لا تصلح للضدَّين. وإنما تصلح لفعلٍ واحدٍ؛ إذ هي مقارنةٌ له لا تنفكَّ عنه

٢٦) أن الإيمان بالقدر لا يسوِّغ الاتِّكال وترك العمل. وقد دلَّت على ذلك الأدلَّة، وأجمع عليه سلف الأمَّة.

وقد خالف أهل البدع في هذه المسألة على قولين:

القول الأوَّل: (قول الجبريَّة ومَن وافقهم). آمنوا بالقدر، وظنُّوا أن ذلك كافٍ في حصول المقصود، فأعرضوا عن الأسباب الشرعيَّة والأعمال الصالحة بناءً على قولهم في إنكار الأسباب بالكلِّيَّة.

القول الثاني: (قول القدريَّة). آمنوا بالشرع وعظموا الأمر والنهي وبالغوا في قدرة العبد متكلين على حولهم وقوتهم وعملهم، وقصروا في التوكل على الله والاستعانة به في تحقيق مطالب الدين والدنيا.

٢٧) لا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعاصي، بل الحجَّة قائمةٌ على العباد بما جعل الله لهم من الإرادة والاختيار في أعمالهم من خيرٍ وشرٍّ. وقد دلَّت على ذلك الأدلَّة، وصرَّح به الأئمَّة في تقرير معتقد أهل السنَّة.

<<  <   >  >>