للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العباد يستطيعون ويعملون ويُجزَون بما يكسبون، وأن لله لطيفةً يبتدئ بها من أراد، ويتفضَّل بها على من أحبَّ، ويوقعها في القلوب فيعود بها إلى طاعته، ويمنعها من حقَّت عليه كلمته، فهذه جملة ما ينتهي إليه علم ابن آدم من قدر الله ﷿، وما سوى ذلك مخزونٌ عنه» (١).

وقال ابن أبي زيدٍ القيروانيُّ في وصف عقيدة أهل السنة: «والإيمان بالقدر خيره وشرِّه، حلوه ومرِّه، وكلُّ ذلك قد قدَّره الله ربُّنا، ومقادير الأمور بيده، ومصدرها عن قضائه.

علم كلَّ شيءٍ قبل كونه، فجرى على قدره، لا يكون من عباده قولٌ ولا عملٌ إلا وقد قضاه وسبق علمه به، ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: ١٤].

يضلُّ من يشاء فيخذله بعدله، ويهدي من يشاء فيوفِّقه بفضله، فكلٌّ ميسَّر بتيسيره إلى ما سبق من علمه وقدره، من شقيٍّ أو سعيدٍ.

تعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، أو يكون لأحدٍ عنه غنىً، أو يكون خالقٌ لشيءٍ إلا هو، ربُّ العباد وربُّ أعمالهم، والمقدِّر لحركاتهم وآجالهم، الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجَّة عليهم» (٢).

وقال أبو عثمان الصابونيُّ : «ومن قول أهل السنة والجماعة في أكساب العباد: أنها مخلوقةٌ لله تعالى، لا يمترون فيه، ولا يعدُّون من أهل الهدى ودين الحقِّ من ينكر هذا القول وينفيه، ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء لا حجَّة لمن أضلَّه الله عليه ولا عذر له لديه … ويشهد أهل السنة ويعتقدون أن الخير والشرَّ والنفع والضرَّ بقضاء الله وقدره، لا مردَّ


(١) الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية لابن قتيبة (ص: ٣٥ - ٣٦).
(٢) مقدمة أبي زيد القيرواني (ص: ٦ - ٧).

<<  <   >  >>