للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهما، ولا محيص ولا محيد عنهما، ولا يصيب المرء إلا ما كتبه له ربُّه … ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم -مع قولهم بأن الخير والشرَّ من الله وبقضائه-: أن لا يُضاف إلى الله ما يتوهَّم منه نقصٌ على الانفراد؛ فلا يُقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان، وإن كان لا مخلوق إلا والربُّ خالقه … ومن مذهب أهل السنة والجماعة أن الله ﷿ مريدٌ لجميع أعمال العباد، خيرها وشرِّها، لم يؤمن أحدٌ إلا بمشيئته، ولم يكفر أحدٌ إلا بمشيئته، ولو شاء لجعل الناس أمَّةً واحدةً، ولو شاء ألا يُعصى ما خلق إبليس، فكُفْر الكافرين، وإيمان المؤمنين؛ بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته، أراد كلَّ ذلك وشاءه وقضاه، ويرضى الإيمان والطاعة، ويسخط الكفر والمعصية» (١).

وقال الحافظ عبد الغنيِّ المقدسيُّ : «وأجمع أئمَّة السلف من أهل الإسلام على الإيمان بالقدر خيره وشرِّه حلوه ومُرِّه قليله وكثيره، بقضاء الله وقدره، لا يكون شيءٌ إلا بإرادته، ولا يجري خيرٌ وشرٌّ إلا بمشيئته، خلق من شاء للسعادة واستعمله بها فضلًا، وخلق من أراد للشقاء واستعمله به عدلًا، فهو سرٌّ استأثر به، وعلمٌ حجبه عن خلقه، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «أصل هذه المسألة أَنْ يعلم الإنسان أن مذهب أهل السنة والجماعة في هذا الباب وغيره ما دلَّ عليه الكتاب والسنة، وكان عليه السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار والذين اتَّبعوهم بإحسانٍ.

وهو أن الله خالق كلِّ شيءٍ وربُّه ومليكه، وقد دخل في ذلك جميع الأعيان القائمة بأنفسها وصفاتها القائمة بها من أفعال العباد وغير أفعال العباد.


(١) عقيدة السلف أصحاب الحديث (٣١ - ٢٩).
(٢) عقيدة الحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي (ص: ٧٧).

<<  <   >  >>