للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه سبحانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في الوجود شيءٌ إلا بمشيئته وقدرته، لا يمتنع عليه شيءٌ شاءه؛ بل هو قادرٌ على كلِّ شيءٍ، ولا يشاء شيئًا إلا وهو قادرٌ عليه.

وأنه سبحانه يعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، وقد دخل في هذا أفعال العباد وغيرها.

وقد قدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم: قدَّر آجالهم، وأرزاقهم، وأعمالهم، وكتب ذلك، وكتب ما يصيرون إليه من سعادةٍ وشقاوةٍ.

فهم يؤمنون بخلقه لكلِّ شيءٍ، وقدرته على كلِّ شيءٍ، ومشيئته لكلِّ ما كان، وعلمه بالأشياء قبل أن تكون، وتقديره لها وكتابته إيَّاها قبل أن تكون» (١).

وذكر في موطنٍ آخر أنَّ: «السلف والأئمَّة كما أنهم متَّفقون على الإيمان بالقدر، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه خالق كلِّ شيءٍ من أفعال العباد وغيرها، وهم متَّفقون على إثبات أمره ونهيه، ووعده ووعيده، وأنه لا حجَّة لأحدٍ في ترك مأمورٍ ولا فعل محظورٍ؛ فهم أيضًا متَّفقون على أن الله حكيمٌ رحيمٌ، وأنه أحكم الحاكمين، وأرحم الراحمين» (٢).

وقال ابن أبي العزِّ الحنفيُّ: «والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن كلَّ شيءٍ بقضاء الله وقدره، وأن الله تعالى خالق أفعال العباد، قال تعالى: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [القمر: ٤٩]، وقال تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [الفرقان: ٢]، وأن الله تعالى يريد الكفر من الكافر ويشاؤه، ولا يرضاه ولا يحبُّه، فيشاؤه كونًا، ولا يرضاه دينًا» (٣).


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ٤٤٩، ٤٥٠).
(٢) المصدر نفسه (٨/ ٤٦٦).
(٣) شرح الطحاوية (ص: ٢٢٥).

<<  <   >  >>