للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن المرتضى: «وأجمعوا -أي: المعتزلة- أن فعل العبد غير مخلوقٍ فيه» (١).

أدلَّتهم:

استدلَّ القدريَّة لقولهم ببعض الأدلَّة، زعموا دلالتها على معتقدهم، منها:

[١] قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]، قالوا: أثبت الله خالقِين متعدِّدين؛ فدلَّ على أن العبد خالقٌ لفعل نفسه، والله أحسن الخالقين.

[٢] قوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأحقاف: ١٤، والواقعة: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣]. قالوا: رتَّب الجزاء على العمل؛ فدلَّ على أن العبد قادرٌ على فعله، ولهذا جُوزي به، ولو لم يكن قادرًا عليه لما جُوزي به.

الردُّ عليهم:

[١] أما استدلالهم بقوله: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]؛ فمعنَى الآية: أحسن المصوِّرين المقدِّرين.

والخلق يُذكَر ويُراد به: التقدير، وهو المراد هنا، بدليل قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الرعد: ١٦]، أي: خالق كلِّ شيءٍ مخلوقٍ؛ فدخلت أفعال العباد في عموم (كل).

والمعنَى الثانِي للخلق: الإيجاد والإبداع (٢).

قال الأزهريُّ: «الخلق في كلام العرب: ابتداع الشيء على مثالٍ لم يُسبَق إليه.

وقال أبو بكرٍ الأنباريُّ: الخلق في كلام العرب على ضربين:


(١) المنية والأمل (ص: ٦).
(٢) انظر: شرح الطحاوية (ص: ٦٤١، ٦٤٣).

<<  <   >  >>