للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: الإنشاء على مثالٍ أبدعه.

والآخر: التقدير.

وقال في قوله تعالى: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤]. معناه: أحسن المقدِّرين، وكذلك قوله: ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾ [العنكبوت: ١٧]، أي: تقدِّرون كذبًا.

قال الأزهريُّ: العرب تقول: خلقت الأديم؛ إذا قدَّرته وقِسْتَه لتقطع منه مَزَادةً أو قِرْبةً أو خُفًّا.

وقال زُهيرٌ:

ولأنت تفْري ما خلقتَ وبع … ض القوم يَخْلُق ثم لا يفري

يمدح رجلًا، فيقول له: أنتَ إذا قَدَّرْتَ أمرًا قطعته وأمضيته، وغيرك يقدِّر ما لا يقطعه» (١).

[٢] أما استدلالهم بقوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأحقاف: ١٤، والواقعة: ٢٤]، وترتُّب الجزاء على العمل؛ فجوابه:

أن الباء في الآية هي باء (السبب)، أي: بسبب أعمالكم، والله تعالى هو خالق الأسباب والمسبَّبات؛ فرجع الأمر كلُّه إلى فضل الله ورحمته. وهذا على قولٍ لأهل العلم في تفسير الآية.

وعلى قولٍ آخر: أن دخول الجنَّة برحمة الله، ولكن اقتسام المنازل بحسب الأعمال؛ قال ابن عُيينة: «كانوا يرون النجاة من النار بعفو الله، ودخول الجنة بفضله، واقتسام المنازل بالأعمال» (٢).

[٢] دلالة الأدلَّة على أن أفعال العباد مخلوقةٌ منها:


(١) تهذيب اللّغة (١/ ١٠٩٣).
(٢) انظر: حادي الأرواح (ص: ٧٢ - ٧٣)، والمحجّة في سير الدّلجة لابن رجب (ص: ٢٧).

<<  <   >  >>