للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأوَّلوا الهداية المضافة لله في النصوص بهداية الإرشاد، أو تسميته المهتدي مهتديًا، وتأوَّلوا الإضلال بتسميته الضالَّ ضالًّا (١).

قال البغداديُّ: «وهذا خلاف قول القدريَّة في دعواها أن الهداية من الله تعالى على معنى الإرشاد والدعاء إلى الحق، وليس إليه من هداية القلوب شيءٌ، وزعموا أن الإضلال منه على وجهين، أحدهما: التسمية، بأن يسمِّي الضلَّال ضلَّالًا. والثاني: على معنى جزاء أهل الضلال على ضلالتهم» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «والتزموا أنه لا يقدر أن يهدي ضالًّا، كما قالوا: إنه لا يقدر أن يُضِلَّ مهتديًا، وقالوا عن هذا: إذا أمر اثنين بأمرٍ واحدٍ، وخصَّ أحدهما بإعانته على فعل المأمور كان ظالمًا» (٣).

وقال ابن القيِّم في سياق حديثه عن الهداية والإضلال: «وهذا أمرٌ متَّفقٌ عليه بين الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وعليه اتَّفقت الكتب الإلهيَّة ودلت عليه أدلة الفطر والعقول والاعتبار، وخالف في ذلك مجوس الأمَّة؛ فأخرجت طاعات ملائكته وأنبيائه ورسله وعباده المؤمنين -وهي أشرف ما في العالم- عن ربوبيَّته وتكوينه ومشيئته، بل جعلوهم هم الخالقون لها، ولا تعلُّق لها بمشيئته، ولا تدخل تحت قدرته، وكذلك قالوا في جميع أفعال الحيوانات الاختياريَّة.

فعندهم أنه سبحانه لا يقدر أن يهدي ضالًّا ولا يُضِلَّ مهتديًا، ولا يقدر أن


(١) انظر الفرق بين الفرق (ص: ٣٣٠)، ومجموع الفتاوى (١٨/ ١٧٣)، الفتاوى الكبرى (١/ ٧٧)، شفاء العليل (١/ ٢٧٢).
(٢) الفرق بين الفرق (ص: ٣٣٠).
(٣) الفتاوى الكبرى (١/ ٧٧)، ومجموع الفتاوى (١٨/ ١٣٨).

<<  <   >  >>