للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجعل المسلم مسلمًا والكافر كافرًا والمصلِّي مصلِّيًا، وإنما ذلك بجعلهم أنفسهم كذلك لا بجعله تعالى.

وقد نادى القرآن بل الكتب السماويَّة كلُّها والسنَّة وأدلَّة التوحيد والمعقول على بطلان قولهم، وصاح بهم أهل العلم والإيمان من أقطار الأرض، وصنَّف حزب الإسلام وعصابة الرسول وعسكره التصانيف في الردِّ عليهم، وهي أكثر من أن يحصيها إلا الله» (١).

وقال ابن أبي العزِّ: «قالت المعتزلة: الهدى من الله: بيان طريق الصواب، والإضلال: تسمية العبد ضالًّا، أو حكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه، وهذا مبنِيٌّ على أصلهم الفاسد: أن أفعال العباد مخلوقةٌ لهم» (٢).

الرد عليهم:

وقولهم هذا باطلٌ، وهو متفرِّعٌ عن أصلهم الباطل في دعواهم أن أفعال العباد لا تدخل تحت تقدير الله ولا مشيئته و لا خلقه، وأن العبد مستقلٌّ بفعله وله قدرةٌ تامَّةٌ عليه. وبناء على هذا قرَّروا هنا أن العبد مستقلٌّ بهدايته وضلاله، والله لا يهدي ولا يضلٌّ أحدًا، بل لا قدرة له على ذلك. وقد تقدَّم الردُّ عليهم في ذلك في مبحث أفعال العباد بما أغنى عن إعادته هنا.

وأما تأويلهم الهداية والإضلال بما تقدم؛ فقد أجاب عن ذلك العلماء:

قال البغداديُّ بعد حكاية قولهم في تأولهم الهداية والإضلال -على ما تقدم نقله-: «ولو صحَّ ما قالوا؛ لوجب أن يُقال: إنه أضلَّ الكافرين؛ لأنه


(١) شفاء العليل (١/ ١٩٣).
(٢) شرح الطحاوية (ص: ١٣٧).

<<  <   >  >>