للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهميَّة المنكرين للحكم والأسباب والرحمة، فلا يرضون لأنفسهم بقول القدريَّة المجوسيَّة، ولا بقول القدريَّة الجبريَّة نفاة الحكمة والرحمة والتعليل.

وعامَّة البدع المحدَثة في أصول الدين من قول هاتين الطائفتين الجهميَّة والقدريَّة، والجهميَّة رؤوس الجبريَّة وأئمَّتهم أنكروا حكمة الله ورحمته، وإن أقرُّوا بلفظٍ مجرَّدٍ فارغٍ عن حقيقة الحكمة والرحمة. والقدريَّة والنفاة أنكروا كمال قدرته ومشيئته. فأولئك أثبتوا نوعًا من الملك بلا حمدٍ، وهؤلاء أثبتوا نوعًا من الحمد بلا ملكٍ، فأنكر أولئك عموم حمده، وأنكر هؤلاء عموم ملكه، وأثبت له الرسل وأتباعهم عموم الملك وعموم الحمد كما أثبته لنفسه، فله كمال الملك وكمال الحمد، فلا يخرج عينٌ ولا فعلٌ عن قدرته ومشيئته وملكه، وله في كلِّ ذلك حكمةٌ وغايةٌ مطلوبةٌ يستحقُّ عليها الحمد، وهو في عموم قدرته ومشيئته وملكه على صراطٍ مستقيمٍ، وهو حمده الذي يتصرَّف في ملكه به ولأجله» (١).


(١) إعلام الموقعين (١/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>