للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

» منها مَرَّة لم تستخدم في وصف تركيب نحوي بل لشرح استخدام للحرف بل (١)

» ومرتان لتوضيح مسألتين صرفِيَّتَيْن (٢)،

» والمَرَّة الرابعة يوضح مسألة صوتيَّة (٣).

فلم تأت كلمة «غلط» لوصف تركيب نحوي ما، كما قال د. ضيف. وأما ما أثبته سيبويه من توهم في بعض أبوابه فليس على العرب بل على النُّحَاة الذين سبقوه.

• ويقول في موضع ثان: «وكان موقفه من العرب دائما أَنْ يسجل الصورة الشائعة على ألسنتهم في التعبير معتمدا عليها في تقرير قواعده. ولم يكن يسجلها وحدها، بل كان يسجل دائما ما جاء شذوذا على ألسنتهم، وهو ينعته تارة بالضعف وتارة بالشذوذ أو القبح أو الغلط، يقصد بذلك إلى أَنَّه يخالف القياس الذي ينبغي اتباعه») (٤).

وهذا النَّصّ قد يشوبه شيءٌ من عدم الدقة ونقص استقصاء من الدكتور ضيف؛ لأَنَّنا وجدنا سيبويه يصف بعض التراكيب البديلة بـ ((الجَيِّدة))، وبعضها بـ ((الكثير))، وبعضها بـ ((الجَيِّد الكثير)) أيضا، فليست كل البدائل بالقبيحة ولا الغلط ولا الشاذة. والتراكيب الشاذة عند سيبويه هي التراكيب الأَقَلّ تَرَدُّدًا من التركيب الأصلي المولودة منه والناشئة عنه.

وإذا عدنا للقياس عند سيبويه مَرَّة أخرى نقول: إِنَّ سيبويه كان يقوم بقياسه «على الأكثر» المأخوذ بدوره من «الواقع اللغويّ الذي تقوله العرب»، ولشَدَّ ما أكَّد مرارا وتكرارا في مواضع من كتابه على أهمِيَّة الرجوع إلى هذا الواقع اللغويّ الذي أخذ منه «قياسه على الأكثر»، يقول:

- « ... إِنَّمَا تجري ذا كما أجرت العرب») (٥).


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤٣٠، حيث قال: (( ... ومنه: مررت برجلٍ راكع بل ساجد، إما غلط فاستدرك، وإما نسىَ فذكر)).
(٢) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٤٦٢، حيث قال: ((ومن العرب من يقول في نابٍ: نويبٌ، فيجيء بالواو؛ لأنَّ هذه الألف مبدلة من الواو أكثر، وهو غلطٌ منهم)). و ٤/ ٣٥٦، حيث قال: ((فأما قولهم مصائب فَإِنَّه غلطٌ منهم)).
(٣) سيبويه: الكتاب، ٤/ ١٦٠، حيث قال: ((وزعم أبو الخطاب أن ناسًا من العرب يقولون: ادعه من دعوت؛ فيكسرون العين؛ كأَنَّها لما كانت في موضع الجزم توهموا أنها ساكنة إذ كانت آخر شيء في الكلمة في موضع الجزم؛ فكسروا حيث كانت الدال ساكنةلأنه لا يلتقي ساكنان، كما قالوا: رُدِّ يا فتى. وهذه لغةٌ رديئة، وإِنَّمَا هو
غلطٌ)).
(٤) المدارس النَّحْوِيَّة، ص ٨١
(٥) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣١٨ وقال السيرافي تعليقا على هذه الجملة: ((ذكر سيبويه هذه الأشياء على نحو استعمالها ولم يجز سقيك؛ لأنَّ العرب لم تدع به))، نقلا عن الحاشية ذات الرَّقْم ٢ من كلام المحقق.

<<  <   >  >>