للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- « ... فاستعمل من هذا ما استعملت العرب، وأجز منه ما أجازوا») (١).

- « ... فأجره كما كما أجرت العرب واستحسنت») (٢).

- « ... ولم يؤخَذْ ذلك إلاّ من العرب») (٣).

وكان الواقع اللغويّ الحيّ والقياس الأكثري ــ إِنْ صح التعبير ــ النابع من هذا الواقع الحي

«أداتَيْنِ» معياريَّتين «يُعَايرُ» بهما كلَّ الأقوال التي ترد إليه، فنراه مثلا يقول: «وزعم الخليل رحمه الله أَنَّ قولهم: رَبِحتُ الدرهمَ درهمًا، محالٌ، حتَّى تقول: فى الدرهمِ وللدّرهمِ. وكذلك وجدنا العربَ تقول») (٤).

وعبارة سيبويه الأخيرة في النَّصّ السابق مُهِمَّة؛ فهو لم يأخذ نصّ الخليل مُسلَّمًا به بل قارنه بـ

«الواقع اللغويّ» وما «تقوله العرب»؛ فوجد أَنَّ ما قاله الخليل موافق لهذا الواقع.

ومن النصوص المُهِمَّة أيضا التي نري أَنَّها تدلُّ على اهتمام سيبويه بالواقع اللغويّ بشكل كبير نصه الذي يقول فيه:

«واعلم أنَّه ليس كلُّ حرف يَظْهَرُ بعده الفعلُ يُحْذفُ فيه الفعلُ، ولكنّك تُضمِر بعد ما أَضمرتْ فيه العربُ من الحروف والمَواضِعِ، وتُظهِرُ ما أظهروا، وتُجْرِى هذه الأشياءَ التى هى على ما يَستخفون بمنزلة ما يَحذفون من نفس الكلام ومما هو في الكلام على ما أَجرَوْا فليس كل حرفٍ يحذف منه شيء ويُثْبَتُ فيه، نحوُ: يَكُ ويَكُنْ، ولم أُبَلْ وأُبالِ، لم يَحملهم ذاك على أَنْ يَفعلوه بِمثله، ولا يحملهم إذا كانوا يُثْبِتون فيقولون: في مر أومر، أَنْ يقولوا: فى خُذْ أُوخُذْ، وفى كُلْ أوكل. فقف على هذه الأشياء حيث وقَفوا ثُمَّ فَسِّرْ») (٥).

إن سيبويه في هذا النَّصّ يكشف عن جانب من جوانب منهجه في كتابه، وهو أَنَّه يهتم بوصف الواقع اللغويّ كما هو، وكما وقف عليه، ثُمَّ تأتي مرحلة تالية يقوم بها هي مرحلة تفسير هذا الواقع، فهو «يصفُ» أولا، ثُمَّ «يفسِّرُ» ثانيا، ولا يتدخل بتعليقٍ على أَنَّه ينبغي أَنْ يكون تركيب ما بشكل ما، بدليل أقواله: «إِنَّمَا تجري ذا كما أجرت العرب، فأجره كما كما أجرت العرب فاستعمل من هذا ما استعملت العرب، وأجز منه ما أجازوا» التي أثبتناها آنفا.


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٤١٤
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٢٤
(٣) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٣٧
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٩٥
(٥) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٦٦ وفي الحاشية ذات الرَّقْم ٢ من تحقيق الأستاذ هارون يورد رواية أخرى للجملة الأخيرة في النص وهي ((ثم قس بعد))، ويفسر سيادته التفسير في الجملة الأولى بـ ((التعليل)).

<<  <   >  >>