للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإعراب «هو الدِّلَالَة به على المعاني المختلفة») (١). وأنَّ ما قاله بعض أساتذتنا) (٢) بتجريد العلامة الإعرابِيّة من دلالتها «السِّياقِيَّة» أمر يحتاج إلى نظر (٣)

••الأمر الثالث: من خلال تنميط التراكيب وتتَبُّعها في سياقاتها المختلفة في ظل الإحصاء النسبي الذي كان يقوم به سيبويه نتج عن هذا ما يمكن أَنْ نسميه بـ «التركيب الأصل» و «التركيب

البديل».

والتركيب «الأصل» هو التركيب الذي نال أعلى نسبة تردُّد وشيوع في النصوص التي درسها سيبويه، وهذا التركيب يطلق عليه سيبويه: «الأصل» و «حد الكلام» و «الوجه» و «والأحسن عند العرب» ومثال ذلك: « ... وإِنَّمَا اختير النصب؛ لأنَّهُ الوجه ههنا وحد الكلام») (٤).

أما التركيب البديل فهو التركيب الأصلي مع وجود تعديل فيه، فالتركيب الأصل في الجملة الفعلِيَّة التي بها مفعول واحد هو: فعل + فاعل + مفعول به، والتركيب البديل له قليل التردد:

فعل + مفعول به + فاعل، والبديل الأَقَلّ تَرَدُّدًا: مفعول + فعل + فاعل. أي أَنَّ التراكيب البديلة هي متغيِّرات وتنويعات للتركيب الأصلي.

وبدائل التركيب الأصلي التي يرصدها سيبويه نوعان:

• بدائل في ترتيب أجزاء التركيب مع ثبات الإعراب.

• بدائل في إعراب بعض أجزاء التركيب مع ثبات التركيب، مثل: مُرْهُ يحفرها، سِرْتُ حتى أدخلها.

ونقرأ في كتاب سيبويه «أوصافا» يطلقها على هذه التراكيب اللُّغَوِيَّة. فالتركيب الأصلي هو: الأصل، والوجه، وحَدُّ الكلام، والأكثر، والمستقيم الحسن، والأحسن كما قلنا. وبديله الذي يقِلُّ


(١) العلامة محمد محيي الدين عبد الحميد: عدة السالك على أوضح المسالك، المكتبة العصرية، بيروت، ) بدون تاريخ للطبعة (، ١/ ٨٧
(٢) هو أستاذنا الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه ((من أسرار العَرَبِيَّة)) ص ١٩٨ وما بعدها، والأستاذ إبراهيم مصطفى في ((إحياء النحو)).
(٣) وهنا يمكن أن نستغل هذه النقطة في الرد على أعداء العَرَبِيَّة الذين طالبوا في القديم ويطالبون في الحديث بتسكين أواخر الكلمات وإلغاء الإعراب، ونقول لهم: إِنَّ الإعراب في العَرَبِيَّة من الأهمِيَّة بمكان، ويرتبط بمعنى نحوي وآخر سِياقِيّ كما أثبتنا. وللأهمِيَّة ينظر مرجع مهم وخطير في هذا الشأن: د. نفوسة زكريا سعيد: تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر، دار المعارف، ط ٢، ١٩٨٠ م، ص ١٢١ وما بعدها، وينظر مدح العلّامة الشيخ شاكر لهذا الكتاب في كتابه أباطيل وأسمار ص ١١٩
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٣١، وباب الاستثناء باب يمثل ما نؤكد عليه من تتبع التركيب وبدائله المتعددة، ينظر ٢/ ٣٣٦ ــ ٣٣٧

<<  <   >  >>