للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن حد الإعراب إلا النصب، وذلك نحو: لم زيدًا أضربه») (١). كما يترتب نحويا أَنَّهُ لا يحسن أَنْ نقول: سوف زيدًا أضرب، أو قد زيدًا لقيت؛ «لأَنَّها إِنَّمَا وضعت للأفعال») (٢).

- وأتاحت له معرفة المواضع التي تأتي فيها «كلمة» وتكون دخيلة على هذا الموضع أو ذاك، يقول «ومن كلامهم أَنْ يجعلوا الشيء في موضع على غير حاله في سائر الكلام») (٣).

- وأتاحت له معرفة ما استكرهه النُّحَاة قبلُ، ووضعوه في غير موضعه، يقول في عنوان أحد

أبوابه: «هذا باب منه استكرهه النَّحْوِيّون، وهو قبيح؛ فوضعوا الكلام فيه على غير ما وضعت العرب») (٤)، ويقول في هذا الباب: «وذلك قولك: وَيْحٌ له وتَبٌّ، وتبًّا لك ووَيْحًا. فجعلوا التَّبَّ بمنزلة الوَيْحِ، وجعلوا ويحٌ بمنزلة التَّبِّ، فوضعوا كلَّ واحد منهما على غير الموضع الذي وَضَعَتْه العربُ».

وعنوان هذا الباب يؤَيِّد ما ذهبنا إليه من تنميط سيبويه للتراكيب اللُّغَوِيَّة، وتتَبُّعها إِحْصَائِيّا، وإلا ما تسنى له معرفة أَنَّ ما وضعه النُّحَاة في تركيب ما مستكره وليس في موضعه. كما يدلّ عنده على نزعة المقارنة بين ما يقوله النُّحَاة وما تقوله العرب.

••الأمر الرابع: إِنَّ لجوء سيبويه إلى التراكيب النَّمَطِيَّة المجردة ودراستها جعلت جُلَّ اهتمامه مقصورا على عنصرين فقط من عناصر الحال: المُتَكَلِّم والمخاطب، وهي الحقيقة التي ذكرناها في الفصل الأول.

وهذا يبدو منطقيا مع ما يقوم به من عَمَلِيَّة التجريد التركيبي لِلُّغَة، فهذان هما العنصران من عناصر سياق الحال اللذان يكون تأثيرهما حاضرا في كل السِّياقات تقريبا، وبالتالي فَإِنَّ تأثيرهما سيكون واضحا على اللُّغَة والكلام معا وليس على الكلام فقط. فهما العنصران من عناصر سياق الحال اللذان يستطيعان النفاذ إلى صلب اللُّغَة.

ويتعلق بالعنصر الثالث من عناصر المنهج بعض الأمور التي ترتبط به، وهي:

••التتَبُّع التاريخي للتركيب:

من الأمور المثيرة للانتباه عند سيبويه ما يقوم به أحيانا من «تتَبُّع تاريخي للتركيب النَّحْوِيّ أو البنية الصَّرْفِيَّة»، وقد سبق أَنْ أشرنا لهذا الأمر إشارة عَجْلَى عند توضيحنا لمصطلح الأصل، ونُزيد


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٩٨
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٩٨
(٣) سيبويه: الكتاب، ١/ ٥١
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٣٤

<<  <   >  >>