للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفائدة العَمَلِيَّة التي تعود على سيبويه من هذا التتَبُّع التاريخي تحديدا أَنَّهُ من خلال هذا يتمكَّن من:

• تقديم توجيه إعرابيّ ما على آخر.

• تفسير سبب خروج بنية صرفِيَّة أو تركيب نحوي ما على الأصل.

• أو بالحكم على بعض التراكيب بالاستحسان أو القبح.

مثال ذلك:

» «حروف الاستفهام كذلك لا يليها إلا الفعل، إلا أَنَّهم قد توسعوا فيها فابتدءوا بعدها الأسماء والأصل غير ذلك») (١).

» وعند حديثه عن الأفعال التي تتعدى بحرف جر يذكر مجموعة منها لا تتعدى به، ويقول:

«فهذه الحروف) (٢) كان أصلها في الاستعمال أَنْ توصل بحرف الجر») (٣).

» « ... وقلت: ما بال أُخَر لا ينصرف في معرفة ولا نكرة؟ فقال) أي: الخليل (: لأَنَّ أُخَر خالفت أخواتها وأصلها») (٤).

وفي الحقيقة إِنَّ هذا التتَبُّع التاريخي للتراكيب اللُّغَوِيَّة في النصوص الحَيَّة المنطوقة والمنشدة عند سيبويه يكاد يقترب إلى حد بعيد من «النظرة الوصفيَّة Synchronic والنظرة التاريخِيَّة Diachronic» لِلُّغَة، هاتان النظرتان اللتان أتى بهما علم اللُّغَة الحديث. النظرة الوصفيَّة التي تدرس «حالة اللُّغَة عند نقطة نظَرِيَّة مُعَيَّنة وفي وقت مُحَدَّد») (٥)، وهي تناظر عند سيبويه «تتَبُّع التركيب في النصوص الحَيَّة المنطوقة» المستعملة عند العرب. والنظرة التاريخِيَّة التي تدرس اللُّغَة من «وجهة نظر تطورها التاريخي») (٦)، التي تناظر عنده التتَبُّع التاريخي لِلُّغَة. ومن خلال تنميط اللُّغَة إلى تراكيب وتتَبُّعها تاريخيًّا خرج سيبويه ببعض القواعد الأصوليَّة النحوِيَّة العامة، مثل:

» الشيء إذا كثر في كلامهم كان له نحوٌ ليس لغيره مما هو مثله) (٧).


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٩٩
(٢) يقول الأستاذ هارون في الحاشية ذات الرَّقْم ١ عن كلمة ((الحروف)): ((يعني الكلمات، وهي الأفعال هنا)).
(٣) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٩
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٢٢٤
(٥) David Crystal, A dictionary of linguistics and phonetics, P.٤٦٩
(٦) Ibid, P.١٤٢
(٧) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٩٦

<<  <   >  >>