للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمعروف بعد ما بنيتَ على الأول كلاما») (١). ونترك المجال هنا للسيرافي ليوضح دور سكوت المُتَكَلِّم في التوجيه الإعرابِيّ وخاصة مع التوجيه الثاني في الجملة السابقة، يقول: «فَإِنَّ الباء) في قولنا: لا آمر بمعروف (ليست في صلة آمر، كَأَنَّك قلت: لا آمر، وسكت وأضمرت خبره، ثُمَّ جئت بالباء للتبيين، كَأَنَّك قلت: أعني بمعروف، كما تقول: سقيا، ثُمَّ تجئ بـ «لك» على

أعني») (٢).

ففي قوله «لا آمرَ بالمعروف لك» يمكن أَنْ تُحلل على رأي الخليل وبتفسير السيرافي كما يلي:

«لا آمرَ +) سكتة المُتَكَلِّم بنَغْمَة هابطة تدلُّ على اكتمال المعنى وإضمار الخبر (+ بالمعروف) الباء مع كلمة بالمعروف للتبيين؛ عندما أحس المُتَكَلِّم من هيئة المخاطب أَنَّ المعنى لم يتمكن منه (+ لك».

وقوله «لا آمرًا بالمعروف لك»

«لا آمرًا بالمعروف) بدون سكتة المُتَكَلِّم كَأَنَّ المُتَكَلِّم قال دفعة واحدة: لا آمرًا معروفا (+ لك»

في حالة النصب يكون التوجيه كما يقول السيرافي أَنْ يبدأ المُتَكَلِّم بالجملة «لا آمرًا» ويسكت مضمرا الخبر وما يكمل اسم لا الشبيه بالمضاف. ثُمَّ يتبين أَنَّ المخاطب لم يفهم المعنى فيأتي بشبه الجملة «بالمعروف» للتبيين.

ب ــ إرادة المُتَكَلِّم) (٣):

يأتي هنا دور الحديث عن إرادة المُتَكَلِّم وأهميتها في التوجيه الإعرابِيّ والنَّحْوِيّ، وهو دور جد خطير. أبرزه سيبويه في أقوال كثيرة، وسنحاول بمَنٍّ من الله وتوفيقه أَنْ نُبرز هذا من خلال أربعة أمثلة:

- المثال الأول: ونمهد له بالحديث الآتي:

إذا قال قائل: مررت بفلان فإذا له صوتٌ صوتَ حمار فَإِنَّ كلمة «صوت» يجوز أَنْ تنصب ويجوز أَنْ ترفع، تنصب على المصدر أو على الحال، ويكون في «صوت حمار» معنى

التشبيه، فإذا نصبته على المصدر؛ فتقديره: «فإذا هو يصوت تصويتا مثل الحمار. وإذا نصبته


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٨٧
(٢) الحاشية ذات الرَّقْم ٣، الكتاب: ٢/ ٢٧٨
(٣) من المفيد أن نُثبت هنا معنى مصطلح ((الإرادة)) لأهمِيَّة ذلك، ونقول إِنَّ ((الإرادة)) هي: ((تصميم واعٍ على أداء فعل معين، ويستلزم هدفا ووسائل لتحقيق هذا الهدف. والعمل الإرادي وليد قرار ذهني سابق. يقول الجرجاني الإرادة صفة توجب للحي حالا يقع منه الفعل على وجه دون وجه، فهي ميل يعقب اعتقاد النفع)). ينظر: مجمع اللُّغَة العَرَبِيَّة: المعجم الفلسفي، ص ٧

<<  <   >  >>