للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ ــ المثال الخامس:

في باب «هذا باب من الاختصاص يجري على ما جرى عليه النداء» يذكر فيه بيت الصَّلَتانِ العَبْدي) (١):

يا شاعرًا لا شاعرَ اليومَ مثلَه ... جريرٌ ولكن في كليبٍ تواضعُ

[بحر الرجز]

ينقل سيبويه عن هذا البيت كلام الخليل ويُونُس في نصب كلمة «شاعرًا» وأنَّها لا تصح أَنْ تكونَ منادى «وإِنَّمَا انتصب على إضمار؛ كَأَنَّه قال: يا قائل الشعر شاعرًا، وفيه معنى حسبك به شاعرًا») (٢). ويُزِيد الأستاذ هارون الأمر وضوحًا فيقول شارحا هذا الموضع:

«والشاهد فيه) أي البيت السابق (نصب «شاعرًا» على الاختصاص والتعجب، والمنادى محذوف تقديره: يا هؤلاء، أو يا قوم، حسبكم به شاعرًا. وإِنَّمَا امتنع أَنْ يكون منادى؛ لأنَّهُ نكرة عنده يدخل فيه كل شاعر بالحضرة، وهو إِنَّمَا قصد شاعرًا بعينه، وهو جرير، فلو كان منادى لبني حينئذ على الضم») (٣). أي أَنَّ كلمة «شاعرًا» ليست منادى، وليست منصوبة على النداء؛ إذ لو كانت كذلك لبنيت على الضم؛ لأَنَّ سياق الكلام متوجه لشخص مُحَدَّد معروف اسمه «جرير»، فكان لا بدَّ من منع توجيه النصب على النداء؛ لأَنَّ النصب يعني أَنَّ المنادى نكرة غير مقصودة، ولن يكون موجّها لشخص محدّد؛ وهذا مما يتنافى مع سياق الحال الذي يقال فيه البيت.

٦ ــ المثال السادس:

في بعض الأحيان يلجأ سيبويه إلى قرينة سياق الحال في توجيهه ولَكِنَّه لا يذكر اعتماده عليها من قريب أو بعيد، ولكن تأمُّل كلامه يوجب أَنّه لا بد وقطعًا لجأ إلى هذه القرينة. والتالي مثال على ذلك.


(١) هذا البيت قاله الصّلتان العبدي، يفضِّل جريرا على الفرزدق في الشعر، ويفضل الفرزدق على جرير في الشرف والشاهد: نصب ((شاعرا)) على الاختصاص والتعجب، والمنادى محذوف تقديره: يا هؤلاء، حسبكم به شاعرا، وإنَّما امتنع أن يكون منادى؛ لأنَّه نكرة يدخل فيه كل شاعر بالحضرة، وهو إنَّما قصد شاعرا بعينه، وهو جرير، فلو كان منادى، لبني حينئذ على الضم. ينظر: محمد محمد حسن شُراب: شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط ١، ٢٠٠٧ م، ٢/ ٩٢
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٣٧
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٣٧، الحاشية ذات الرَّقْم ١

<<  <   >  >>