للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه كلام الناس؛ لأَنَّكَ لا تريد أَنْ تجعل تباعده من الأسد سببا لأكله») (١)؛ أي ليس من المعقول أَنَّ جزاء الابتعاد ــ وليس القرب ــ هو الأكل.

٤ ــ يمكن أَنْ نقول ــ ونرجو أَنْ نكون على صواب في هذا ــ إِنَّ سياق الحال قد يُؤَثِّر في ضبط بنية الكلمة. أي أَنَّه قد يغير من ضبط بنية الكلمة الداخلية. مثال ذلك ــ ونأمل أَنْ نكون قد اخترنا الأمثلة المناسبة التي تعبر عن هذا ــ:

» إذا اعتبرنا حرف «اللام الجارة») (٢) كلمة لها ضبطها؛ فإِنَّنَا يمكن أَنْ نقول إِنَّ هذا الضبط يتَأَثَّر بسياق الحال، فهذه اللام إذا دَلَّت على «الاستغاثة والتعجب»؛ «فُتِحت هذه اللام»، مثل قول الشاعر:

يا لَبَكرٍ أَنشِروا لي كُلَيبًا يا لَبَكرٍ أَينَ أَينَ الفِرارُ [بحر المديد]

وهذا الفتح في معنى التعجب والاستغاثة «وإلا لم يجز، ألا ترى أَنَّكَ لو قلت: يا لَزيد وأنت تحدثه لم يجز») (٣). ونقصد مما سبق أَنَّ اللام الجارة لها ضبطان: ضبط بالفتح إذا أتت في سياق دالٍّ على التعجب أو الاستغاثة، وضبط بالكسر في غير سياق دال على تعجب أو استغاثة.

» والحرف «إِنَّ» يؤثِّر سياق الحال على فتح همزته وكسرها، وسبق أَنْ أوردنا نصا أوضحنا فيه ذلك عندما ناقشنا «إمكانيَّة سكوت المُتَكَلِّم ودوره في التوجيه الإعرابِيّ») (٤).

» تذكير العدد مع المعدود المؤنث، وتأنيثه مع المعدود المذكر دليل على تأثير السِّياق على بنية الكلمة، بل إِنَّنَا في العدد على وزن فاعل نقول «هذا حادي أحد عشر إذا كن عشر نسوةٍ معهن رجل؛ لأَنَّ المذكر يغلب المؤنث») (٥).

» ومن أقوال سيبويه المُهِمَّة التي تدل على وجود تأثير للسياق على البنية الصَّرْفِيَّة قوله: «وقد يُجرون الاسم مجرى الصفة والصفة مجرى الاسم») (٦).


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٩٧
(٢) ينظر معاني اللام الجارة د. على توفيق الحمد ويوسف جميل: المعجم الوافي في أدوات النحو العربي، ص ٢٥٩
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢١٥ ــ ٢١٨
(٤) وينظر أيضا الموضع: ٣/ ١٣٠
(٥) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٥٦١
(٦) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٦٣٢، وهذا مثال أيضا على تتبع البنية الصرفِيَّة في سياقاتها المختلفة.

<<  <   >  >>