للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وها هو السيوطي يقول: «أمَّا عِلْمًا فعالم، والأصل فيه: أن رجلا وُصِف عنده شخصٌ بعلم وغيره، فقال الرجل للواصف: أما عِلْمًا فعالم، يريد: مهما يُذْكَرُ إنسانٌ في حال علم فالذي وصفت عالمٌ، كأنَّه مُنكِرٌ ما وصفه به من غير العلم») (١).

لقد اجتمع النحاة الأربعة على المعنى الدلالي السياقي لنصب الحال في قول سيبويه: «أما علما فعالم»، بل نجد الصبان يعمّم هذه الدلالة على هذه الجملة وما يشبهها. وهذا يجعلنا نقول إنَّ التركيب التالي:

«أمَّا الشرطية + فعل شرط محذوف + فاعل مرفوع محذوف) صاحب الحال (+ الحال) مصدرا أو وصفا (+ جملة جواب الشرط».

والذي تمثِّله الجمل: «أمّا سمنا فسمين، وأما عِلْمًا فعالم، أَمَّا صديقًا مصافيًا فليس بصديق

مُصافٍ ... ». يرتبط بدلالة نمطية سياقية هي: قَصدُ الردِّ على من وصف شخصا بوصفين والمتكلم يعتقد اتصافه بأحدهما دون الآخر.

ومن خلال اعتبار الهيئة يمكن أَنْ نثري المعنى في قولنا: «هؤلاء ناسٌ وعبد الله منطلقين» كما يقول سيبويه في نصه: «وتقول: هؤلاء ناسٌ وعبد الله منطلقين، إذا خلطتَهم. ومن قال: هذان رجلان وعبد الله منطلقان قال: هؤلاء ناس وعبد الله منطلقون؛ لأنَّه لم يُشرك بين عبد الله وبين ناسٍ في الانطلاق») (٢).

عندما نقول:

» هؤلاء ناسٌ وعبد الله منطلقين؛ نقصد: أَنَّ عبد الله مختلط بغيره من الناس؛ أي أَنَّ هيئة عبد الله والناس مختلطة.

» هؤلاء ناسٌ وعبد الله منطلقون؛ نقصد: أَنَّ عبد الله ليس مختلطا بالناس، ولم يشرك بين عبد الله وبين ناس في الانطلاق؛ أي أَنَّ الهيئة لا تدل على الاختلاط، ويتضح للرائي أَنَّ الناس منطلقون بمفردهم، وعبد الله منطلق بمفرده.

على أَنْ أخص أقسام الحال ارتباطا بالجملة الاسمِيَّة: الحال المؤكدة والحال المنبهة، فمن الوظائف التي يؤديها الحال «التوكيد»، وتسمى هذه الحال «الحال المؤكِّدة»، ويعرفها النُّحَاة بأنَّها

«هي التي يستفاد معناها من الكلام السابق عليها في جملتها، وفائدتها إذن تأكيد هذا المعنى


(١) همع الهوامع، ٤/ ١٦، ط: دار البحوث العلمية
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٨٢

<<  <   >  >>