للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستفاد») (١). ومن خصائصها أنَّها «تجئ على إثر جملة عَقْدُها من اسمين لا عَمَلَ لهما لتوكيد خبرها، وتقرير مُؤَدّاه، ونفي الشَّكِّ عنه») (٢). قال ابن يعيش: «يعني أنَّ الحال مؤكِّدة تأتي بعد جملة ابتدائِيَّة، الخبرُ فيها اسمٌ صريحٌ، ولا يكون فعلا، ولا راجعًا إلى معنى فعل، لأنَّ الحال هاهنا تكون تأكيدًا للخبر بذكر وصف من أوصافه الثابتة له، والفعلُ لا ثبات له، ولا يوصف») (٣).

إِنَّ موضع هذه الحال أَنْ تأتي عقب الجملة الاسمِيَّة والوظيفة التي تؤديها هذه الحال هي تأكيد الخبر، وتقرير مُؤَدّاه، ونفي الشك عنه. وهذا التأكيد والتقرير ونفي الشك هي أمور سِيَاقِيَّة بالدرجة الأولى، فالمُتَكَلِّم لن يلجأ إلى التأكيد ولا إلى التقرير ولا إلى نفي الشك إلا إذا اقتضى السِّياق هذا، فهو يؤكِّد أو يقرِّر أو ينفي بدافع السِّياق، ودلالة هيئة المخاطب على هذا.

ويقدم سيبويه أمثلة على الحال المؤكدة، هي: «هو زيدٌ معروفًا»، «هو الحق بينًا»، «أنا عبد الله كريمًاجوادًا»، «هو عبد الله شجاعًا بطلا».

ويوضح في المثال الأول كون «معروفًا» حالا تفيد التوكيد بقوله: «وذلك قولك: هو زيد معروفا، فصار المعروف حالا. وذلك أَنَّكَ ذكرت للمخاطَب إنسانا كان يجهله أو ظننت أَنَّهُ يجهله فكَأَنَّك قلت: أثبتْه أو الزَمْه معروفا، فصار المعروف حالا، ... والمعنى أنَّك أردت أن توضِّح أنَّ المذكور زيدٌ حين قلت معروفا، ولا يجوز أَنْ تذكر في هذا الموضع إلا ما أشبه المعروف؛ لأنَّهُ يعرِّفُ ويؤكِّدُ، فلو ذَكر هنا الانطلاق كان غير جائز؛ لأَنَّ الانطلاق لا يوضح أَنَّهُ زيدٌ ولا يؤكِّده. ومعنى قوله معروفا: لا شكَّ؛ وليس ذا فى منطلق. وكذلك: هو الحقُّ بَيِّنًا، ومعلوما، لأَنَّ ذا مما يوضَّح ويؤكَّد به الحق») (٤).

في هذا النص يوضح سيبويه «الملابسات السياقية النمطية» التي دعت المتكلم إلى استخدام هذه الحال المؤكِّدة، هذه الملابسات تتمثَّل في أنَّ المتكلم ذكر للمخاطب إنسانًا كان يجهله) أو ظن المتكلم أنَّ المخاطب يجهله (؛ فأراد المتكلم من خلال هذه الحال أن يؤكِّد مضمون الجملة الاسمية التي يقولها المخاطب. وما دامت هذه الحال تأتي إثْرَ جملة اسمية عَقْدُها من اسمين كما قال ابن يعيش؛ فلا بد أن يكون المبتدأ والخبر معروفين) أو شبه معروفين (بين المتكلم والمخاطب؛ لذلك أشار سيبويه في النص السابق: «ولا يجوز أَنْ تذكر في هذا الموضع إلا ما أشبه المعروف».


(١) د. محمد عيد: النحو المصفى، مكتبة الشباب، القاهرة، ) بدون تاريخ للطبعة (، ص ٤٦١
(٢) ابن يعيش: شرح المُفَصّل، ٢/ ٢١
(٣) السابق، ٢/ ٢٣
(٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٧٨ ــ ٧٩

<<  <   >  >>