للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل جملة سيبويه «أو شبه معروفين» تفسر لماذا يأتي الخبر أحيانا في الجملة الاسمية مع الحال المؤكدة نكرة، يقول: «وممَّا ينتصب لأنَّه حالٌ وقع فيه أمرٌ قولُ العرب: هو رجلُ صِدْقٍ معلومًا ذاك، وهو رجل صدق معروفا ذاك، وهو رجل صدق بيِّنًا ذاك، كأنه قال: هذا رجل صدق معروفا صلاحُه») (١).

فالأحوال في هذه الجمل مؤكدة لمضمون الجملة مع أنَّ أحد الجزأين نكرة، والنكرة هنا ــ كما يفهم الباحث من نص سيبويه ــ ليست نكرة خالصة ــ إن جاز التعبير ــ بل هي نكرة مشوبة بتعريف أو شبه تعريف كما قال سيبويه.

وقد يصحب التوكيد الذي تدلُّ عليه هذه الحال في بعض السياقات «الفخر، أو التهَدُّد، أو الوعيد»، قال سيبويه: «وإذا ذكرتَ شيئًا من هذه الأسماء التي هي علامةٌ للمضمَر فإِنَّه مُحال أنْ يَظهر بعدها الاسمُ إذا كنتَ تُخبِر عن عَمَلٍ، أو صفةٍ غير عمل، ولا تريد أن تعرفِّه بأنَّه زيدٌ أو عمرو. وكذلك إذا لم تُوعِدْ ولم تفخر أو تصغِّر نفسك؛ لأنَّك في هذه الأحوال تُعَرِّفُ ما ترى أَنَّهُ قد جُهِل، أو تُنزل المخاطَب منزلة من يجهل فخرًا أو تهدُّدًا أو وعيدًا؛ فصار هذا كتعريفك إياه

باسمه») (٢).

ومن النحاة المعاصرين من تتبع الدلالات السياقية التي يمكن أن تأتي مع هذه الحال، فذكر أنها قد تأتي) (٣):

- لبيان اليقين، نحو: «هو خالد معلوما».

- الفخر، نحو: «أنا أبوك كريما».

- التعظيم، نحو: «هو ربُّنا منعمًا».

- التحقير، نحو: «هو سالم ذليلا».

- التصاغر، نحو: «أنا عبد الله آكلا كما يأكل العبيد».

- الوعيد، نحو: «أنا سعيد قاتلا».

- الترحم، نحو: «هو المسكين مرحوما».

- الذم، نحو: «هو زيد سارقا».

- الإطماع، نحو: «هو ربُّنا غافرًا لمن يتوب».


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٩٢
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٨٠
(٣) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٢/ ٣٠٨

<<  <   >  >>