للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما سبق هي الشروط التي ذكر بعضها سيبويه في نصه) (١) التالي بعد مناقشته للأمثال التالية:

» ما أنت إلا سيرًا.

» ما أنت إلا سيرًا سيرًا.

» وما أنت إلا الضرب الضرب.

» وما أنت إلا قتلا قتلا.

» زيدٌ سيرا سيرا.

» أنت الدهر سيرا سيرا.

» كان عبد الله الدهرَ سيرا سيرا.

» أنت مُذُ اليومِ سيرا سيرا.

«واعلم أَنَّ السير إذا كنت تخبر عنه في هذا الباب فَإِنَّما تخبر بسير متصل بعضه ببعض في أي الأحوال كان») (٢).

فالمُتَكَلِّم إذا أراد أَنْ يخبر بأنَّ السير) أو أي مصدر (متصل بعضه ببعض في أيِّ الأحوال كان، وأنَّ هذا السير يحدث في وقت التكلم؛ فله أَنْ يستخدم التركيب الذي تمثِّلُه الجمل السابقة «ما أنت إلا سيرا، وما أنت إلا الضرب الضرب ... »، وبعبارة أخرى: إذا أراد المُتَكَلِّم أَنْ يبرز أَنَّ هناك مخاطَبا يكثر من ذلك الفعل ويواصله؛ فله أَنْ يلجأ إلى التركيب السابق، الذي فيه يحذف الخبر عامل المصدر، ويقام المصدر مقامه. يقول السيرافي: «إِنَّمَا يقال هذا) أي التركيب السابق (لمن يكثر منه ذلك الفعل ويواصله») (٣).

أما إذا لم يرد المُتَكَلِّم المعنى السابق، معنى التعبير عن الكثرة والمواصلة؛ فله أَنْ يكتفي بمجرد الإخبار. يقول سيبويه: «وأما قولك: إِنَّمَا أنت سيرٌ؛ فَإِنَّما جعلته خبرًا لـ «أنت» ولم تضمر فعلا») (٤).


(١) يرى د. فاضل السامرائي أنَّ شرط حذَف عامل المصدرٍ وُجُوبًا أن ينوب المصدر عن فعلٍ استند لاسمِ عينٍ ــ شرط غير سديد، بل يصح أن يكون غير عين مثل: تقريعًا تقريعا، وما الدهر إلا تقلبا، والامتحان اقترابا اقترابا، والخوف انتشارا انتشارا، وهذه ليست أسماء أعيان. كما يري أن الشرط القائل: أن يكون المصدر مكررا أو محصورا، غير سديد أيضا؛ لأن قولك: محمد سيرا، أصله عند النحاة: محمد سيرا سيرا، حذف فعله جوازا. معاني النحو، ٢/ ١٧١، ونلاحظ أنَّ هذين الشرطين لم يردا في نص سيبويه.
(٢) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٣٦
(٣) شرح كتاب سيبويه: ٢/ ٢٢٥
(٤) سيبويه: الكتاب، ١/ ٣٣٦

<<  <   >  >>