للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ ... زيدٌ عمرا ... يريد المُتَكَلِّم أَنْ ينقل المخاطبُ الأمرَ إلى زيد الغائبِ أَنْ يضرب عمرا ... أن المُتَكَلِّم لا يخاطب زيدا مباشرة؛ لأَنَّه غائب وأنَّ المُتَكَلِّم يتَّجه بالخطاب إلى المخاطب ... تجوز العبارة السابقة إذا كان زيد حاضرا الكلام وتوجه المُتَكَلِّم إليه مباشرة بالكلام.

٤ ... زيدا ... يريد المُتَكَلِّم أَنْ ينقل المخاطبُ الأمرَ إلى عمرو أَنْ يضرب زيدا ... غياب عمرو وزيد، والتباس الكلام على السامع والشاهد أَنَّ الأمر له.

نخلص من هذا الجدول أَنَّ اتجاه الكلام وإلى من يتوجه يتحكم في حذف بعض عناصر الجملة، وأنَّ حذف الفعل لا يجوز إذا اتجه الكلام إلى شخص غائب عن موقف الكلام، ويصح الحذف إذا كان من يتوجه إليه بالكلام حاضرا شاهدا له.

» النص الثاني: يقول:

«وإِنَّمَا أضمرت الفعل ها هنا وأنت تخاطب؛ لأَنَّ المخاطَب المُخبَرَ لستَ تجعلُ له فعلا آخَرَ يعمل فى المُخْبَرِ عنه. وأنت فى الأمر للغائب قد جعلتَ له فعلا آخَرَ يعمل، كأَنّك قلت: قُلْ له لِيَضربْ زيدًا، أو قل له: اضربْ زيدًا، أو مُرْهُ أَنْ يَضْرِبَ زيدًا، فضَعُفَ عندهم مع ما يَدخل من اللَّبس فى أمرٍ واحدٍ أَنْ يُضْمَرَ فيه فِعْلانِ لشيئينِ») (١).

ومقصود سيبويه في هذا النَّصّ «أَنَّ إضمار الفعل مع إرادة الأمر إِنَّمَا يكون مع المخاطب، ولا يصح إضماره مع إرادة الأمر للغائب، إذا قلت: زيدًا وأنت تريد ليضرب زيدًا؛ لأنَّهُ يصير بمنزلة قولك: قل له ليضرب زيدًا») (٢).

ذلك مثلان يبيِّنان أَنَّ الحذف قد يصحُّ إذا اتجه الكلام لشخص ما، وقد لا يصح إذا اتجه لشخص آخر في نفس الموقف ونفس السِّياق.

ومن أسباب الحذف التي أقرها سيبويه «كثرة الاستعمال»، ففي كثير من النصوص ذكر أَنَّهُ قد حذف عنصر من عناصر الجملة والسبب هو كثرة الاستعمال. بل إِنَّهُ خصص بابا في الكتاب


(١) سيبويه: الكتاب، ١/ ٢٥٨
(٢) هذا شرح الأستاذ عبد السلام هارون في الحاشية ذات الرَّقْم ١، من الكتاب: ١/ ٢٥٨

<<  <   >  >>