للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ ــ «وإِنَّمَا يُحتاج الى الصفة إذا خاف الالتباس من الأسماء الغالبة») (١).

٣ ــ «وليس ذا بمنزلة قولك يا زيدُ الطويل، من قبل أَنَّكَ قلت يا زيدُ وأنت تريد أَنْ تقف عليه، ثُمَّ خِفْتَ أنْ لا يُعرف فنعته بالطويل») (٢).

ث المدح والمبالغة فيه ورفعة شأن المنعوت:

إذا أراد المُتَكَلِّم المبالغة في مدح شخص أو شيء وجد النعت طوع أمره في هذا، يقول: «ومن الصفة: أنت الرجل كلُّ الرجل، ومررت بالرجل كلِّ الرجل. فإنْ قلت: هذا عبد الله كلُّ الرجل، أو هذا أخوك كلُّ الرجل، فليس في الحُسن كالألف واللام؛ لأَنَّكَ إِنَّمَا أردت بهذا الكلام هذا الرجل المبالغ في الكمال، ولم ترد أَنْ تجعل كل الرجل شيئا تعرف به ما قبله وتبيِّنُه للمخاطب، كقولك: هذا زيدٌ. فإذا خفت أَنْ يكون لم يُعرَف قلت: الطويل، ولكنك بنيت هذا الكلام على شيء قد أثبت معرفته، ثُمَّ أخبرت أَنَّهُ مستكمِلٌ للخِصال») (٣).

وواضح من كلامه أَنَّ إثبات المبالغة من خلال النعت تأتي بعد أَنْ يكون المنعوت واضحا معروفا للمخاطب من خلال كلام سابق ومقام فائت؛ أي أَنَّهُ لا مبالغة بالنعت إلا من خلال معرفة مسبقة، يعرف فيها المُتَكَلِّم أَنَّ المنعوت مستكمل للخصال، ولا بد أَنْ يكون هذا مخالطةً وإثباتًا بالمعاينة.

ويقول في نصّ آخر: «وتقول: مررتُ برجلٍ الأسدِ شدة، كَأَنَّك قلت: مررتُ برجلٍ كامل، لأَنَّكَ أردت أَنْ ترفع شأنَه») (٤). ويقول: «مررت برجلٍ أسد أبوه، إذا كنت تريد أَنْ تجعله شديدا») (٥).

ونلاحظ في هذين المثالين أَنَّ سيبويه ينعت بما يمكن أَنْ نسميه بـ «اسم الجنس»، وهذا النوع من الأسماء يجوز أَنْ ينعت به «إذا خرجا على دلالتهما الأصلية، وأريد بهما معنى اشتهرا به؛ كدلالة حاتم على: الكرم، والرجل على: الكامل، والنمر على: الغادر ... . فعلى هذا القصد مع ما يؤَيِّده من قرينة يصح تأويلهما بالمشتق. ووقوعهما نعتين») (٦). فإذا دَلَّ اسم الجنس على معنى اشتهر به مع وجود القرينة التي يجب أَنْ يكون منها سياق الحال جاز النعت به.


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٤١٣
(٢) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٨٩
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٢
(٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٧
(٥) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٩
(٦) عباس حسن: النحو الوافي، ٣/ ٤٦٦

<<  <   >  >>