للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج التوكيد:

ومن الوظائف الدِّلالِيَّة التي يُقَدِّمها النعت أيضا التوكيد، يقول: «ومثل ذلك الجماء الغفير، فالغفير وصفٌ لازم، وهو توكيد لأَنَّ الجماء الغفير مَثَل») (١).

تلك هي الوظائف التي يؤديها النعت عند سيبويه من خلال النصوص التي استطعنا أَنْ نستخلص منها هذه الوظائف.

- حذف النعت:

مما أقره النحاة أنَّ الصفة قد تحذف «وتدلُّ عليها حال المتكلم، وللنغْمَة الصوتيَّة أثر في إيضاحها») (٢).

وفي أحد أبواب الكتاب «باب ما يكونُ في المصدر حِينًا لسعة الكلام والاختصار» يُورد سيبويه النص التالي: «وكذلك: سير عليه ليلاً ونهارا، إذا أردت ليلَ ليلِتك ونهارَ نهارِك، لأنَّه إنَّما يُجْرَى على قولك: سير عليه بَصَرًا، وسير عليه ظَلاما، إلاّ أن تريدَ معنى سير عليه ليلٌ طويلٌ ونهارٌ طويلٌ، فهو على ذلك الحدّ غيرُ متمكِّن، وفى هذا الحال متمكِّنٌ») (٣).

ما يُفهَم من النص أنَّ سيبويه يوضح معنى الجملة «سِير عليه ليلا ونهارا»، ويقدم التوجيهات الإعرابية المختلفة لكلمة «ليل». ويُفهم من النص أن كلمة «ليل» في الجملة «سِير عليه ليلا

ونهارا» يجوز فيها النصب كما يجوز فيها الرفع. وفي حالة الرفع تكون كلمة الليل

«منعوتا» والنعت «محذوف» تقديره مثلا «طويل»، وكأنَّ الجملة: «سِير عليه ليلٌ طويلٌ». والذي يُبَرِّر حذف النعت هنا «إرادة المتكلم المدفوعة بسياق الحال».

هذا الفهم لنص سيبويه السابق وهذا التبرير لحذف النعت فيه أخذناه من شيخ العربية ابن جني، إذ يذكر في أحد مواضع الخصائص نصًّا رائعا يورد فيه نص سيبويه السابق فيقول:

«وقد حُذِفَت الصفة ودلَّت الحال عليها. وذلك فيما حكاه صاحب الكتاب من قولهم:

«سِير عليه ليل»، وهم يريدون: ليل طويل. وكأنَّ هذا إنَّما حذفت فيه الصفة لما دلَّ من الحال على موضعها. وذلك أنك تحسّ في كلام القائل لذلك من التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم ما يقوم مقام قوله: طويل أو نحو ذلك. وأنت تحسّ هذا من نفسك إذا تأمَّلته. وذلك أنْ تكون في مدح إنسان والثناء عليه، فتقول: كان والله رجلًا؛ فتزيد في


(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ١٠٧
(٢) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٣/ ٢٠٢
(٣) الكتاب، ١/ ٢٢٦

<<  <   >  >>