للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوّة اللفظ بـ «الله» هذه الكلمة، وتتمكَّن في تمطيط اللام وإطالة الصوت بها وعليها؛ أي رجلًا فاضلًا أو شجاعًا أو كريمًا أو نحو ذلك. وكذلك تقول: سألناه فوجدناه إنسانًا، وتمكّن الصوت بإنسان وتفخَّمه؛ فتستغني بذلك عن وصفه بقولك: إنسانًا سمحًا أو جوادًا أو نحو ذلك. وكذلك إن ذممته ووصفته بالضيق قلت: سألناه وكان إنسانًا! وتَزْوي وجهك وتقطِّبه؛ فيغني ذلك عن قولك: إنسانًا لئيمًا أو لَحِزًا أو مبخَّلًا أو نحو ذلك») (١).

في هذا النص المبين استطاع باقتدار ابن جني أن يوضِّح كيف يعين سياق الحال على تفهُّم حذف النعت، وما يستعاض به عنه من «التطويح والتطريح والتفخيم والتعظيم والتمطيط وإطالة الصوت».

والحقُّ إنَّه لولا تنبيه ابن جني لتأثير السياق على حذف النعت في هذا الموضع ما تنبَّه الباحث

له، وهذا يؤكد ما أثبتناه قبل من وجود مواضع وقواعد استخدم فيها سيبويه السياق ضمنا تحتاج إلى فضل تأمُّل للوقوف عليها.

- النعت الجامد:

الأصل في النعت أن يكون مشتقًا، «وقد ينعت بالجامد كثيرا كالمنسوب، نحو: «مررت برجل بصري»، والموصول، نحو: «مررت بالشخص الذي فاز»، والمقادير والأعداد، نحو: «أقبل رجالٌ مائةٌ»، و «أقبل رجالٌ سبعةٌ» ... ») (٢).

ومن إشارات سيبويه لهذا النعت الجامد قوله: «ومن النعت أيضًا: مررتُ برجلٍ أَيِّما رجلٍ، فأَيُّما نعتٌ للرجل فى كماله وبَذِّه غيرَه، كأَنَّه قال: مررتُ برجلٍ كاملٍ») (٣).

و«أَيّ» من الألفاظ «الجامدة» التي يُؤْتَى بها أحيانا للنعت، وهي «التي تسمَّى أيَّا الكماليَّة، ويراد بها التعجب والمبالغة في المدح، وتنعت بها النكرة») (٤).

وعبارة سيبويه في نصه السابق «أَيُّما نعتٌ للرجل فى كماله وبَذِّه غيرَه، كأَنَّه قال: مررتُ برجلٍ كاملٍ» تؤكد ما ذكرناه من منهجه من تتبُّعه للتركيب المعين في السياقات المختلفة، فقد تتبع التركيب


(١) الخصائص: ٢/ ٢٧٠ ــ ٢٧١
(٢) د. فاضل السامرائي: معاني النحو، ٣/ ١٨٤
(٣) الكتاب، ١/ ٤٢٢
(٤) السابق، ٤/ ١٨٤

<<  <   >  >>