للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعجبية، ولا الأداتان «أيا، هيا» التي ستجعل المُتَكَلِّم ينطق بمقطعين: مقطع قصير مفتوح «أَ، هَ») صامت + حركة قصيرة (+ مقطع طويل مفتوح «يا») صامت + حركة طويلة (. وهذا الانتقال المقطعي يعوق الدفقة الصَّوْتِيَّة التلقائية العفوية اللاإرادية المعبِّرة عن التعجب أو الاستغاثة.

هذا بالإضافة إلى ما يقرره علماء اللغة المحدثون من أن «الأصوات الصامتة أقل وضوحا في السمع من أصوات المد واللين، وأن أبرز خاصية من خواص أصوات المد) الحركات الخالصة (هي قوة الوضوح السمعي ... ولعله لذلك نجد أن المدود ــ بجميع أنواعها ــ لها مكانة خاصة في تجويد تلاوة القرآن، وأنها هي التي تعطي الفرصة للقارئ الذي يريد أن يظهر تفوقه أو قوة صوته بسبب تمكنه من إطلاق النفس مع هذه الأصوات في حرية تامة. ثم إن ألف المد ــ بوجه خاص ــ هي أقوى هذه الأصوات وضوحًا؛ لأن ظاهرة حرية مرور الهواء وانطلاقه أثناء النطق بها تكون أوضح ما تكون») (١). والنفس «أثناء النطق بالفتحة الطويلة) طا ــ ها ــ حا ... (يبلغ أقصى درجات انطلاقه وحريته؛ مما يعطي الصوت قوة ويسلمه إلى الحرف التالي قويا كذلك») (٢).

وإذا استأنسنا باللُّغَة العامية في هذا نجد أَنَّ هذه الأداة «يا» هي الأداة الطبيعِيَّة التلقائية التي تعبِّر عن الاستغاثة أو التعجب.

ونكمل حديثنا عن النداء فنقول: يتطرق سيبويه في بعض المواضع إلى الأغراض السِّياقِيَّة التي يمكن أَنْ يقوم بها أسلوب النداء، فيشير إلى أَنَّهُ قد يأتي:

١ ــ لتنبيه المنادَى ولفت انتباهه لأمر أو نهي أو إخبار المنادِي:

يقول: «وأما ((يا)) فتنبيه. ألا تراها في النداء وفي الأمر كَأَنَّك تنبِّه المأمور») (٣). ويقول: «ولا تدخل ((يا)) ها هنا) أي: أسلوب الاختصاص (؛ لأَنَّكَ لست تنبه غيرك») (٤).

ويشير إلي أَنَّ من وظيفة النداء إيصال أمر أو نهي أو إخبار المُتَكَلِّم المنادِي إلى المنادى. يقول: « ... كما المنادَى مختص من بين أمته لأمرك ونهيك أو خبرك») (٥).


(١) د. السيد عبد المقصود جعفر: الفواتح الهجائية وإعجاز القرآن، دار الطباعة والنشر الإسلامي، ط ١) ١٩٩٢ م (، ص ١٢٨ ــ ١٢٩
(٢) السابق: ص ١٥٧
(٣) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٢٢٤
(٤) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٣٢
(٥) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٣١ ــ ٢٣٢

<<  <   >  >>