إن التَّرَنُّم يُأتَى به لـ «التطريب والتغني وتحسين الصوت وتلحينه»، وأنَّ موضعه الشعر، وأَنَّه اختياري، ويتم من خلال أحرف الإطلاق: الواو والألف والياء.
وهنا يُثار سؤال: لمن يقوم الشاعر بهذا التطريب والتغني وتحسين الصوت؟ ولماذا يلجأ الشاعر إليه طالما أَنَّهُ اختياري؟
إن الشاعر لن يترنَّم ويرغب في تحسين الصوت وتلحينه إلا لمن يسمعه، أي لا بدَّ من وجود سياق حال يجمع بين المُتَكَلِّم الشاعر المنشد، والمخاطب المستمع الذي يستمتع بإلقاء الشاعر
لشعره، إِنَّ الشاعر في ترنُّمه مقصدُه المستمع، فما أتي بهذا التَّرَنُّم إلا إليه؛ ودليل هذه القصدية أَنَّ التَّرَنُّم اختياري من الشاعر، يمكنه أَنْ يستغني عنه.
إذن فسياق الحال يتحكم في التَّرَنُّم وهو سبب وجوده؛ فرغبة المُتَكَلِّم الذي هو أحد أهم عناصر سياق الحال هي المسئولة عن هذا التَّرَنُّم وجودا وعدما. ومصداق هذا قول سيبويه في نصه السابق: «لأنَّهم أرادوا مد الصوت».
ويمكننا القول أيضا ــ استنتاجا واستنباطا ــ إِنَّ القافية وحركة روِيِّها تتَأَثَّران بالحالة النفسِيَّة للمتكلم المنشد.
ومما يمكن أَنْ يلحق بألف التَّرَنُّم في كونها تأتي للترنم أيضا وإن كان هذا التَّرَنُّم فيه نوع حزن وتفجع ــ «ألف الندبة». يقول: «اعلم أَنَّ المندوب مدعوٌّ ولَكِنَّه متفجع عليه، فإنْ شئت ألحقتَ في آخر الاسم الألف، لأَنَّ الندبة كأَنَّهم يترنمون فيها؛ وإن شئت لم تُلحق كما لم تلحق في النداء») (١).
وإلحاق ألف الندبة كما يقول سيبويه اختياري يتوقَّف على إرادة المُتَكَلِّم إذا أراد أَنْ يبرز مزيدا من الأسى والحزن على المُتَفَجَّع عليه من خلال ألف الندبة، وكَأَنَّ اللُّغَة تساعد المُتَكَلِّم على التنفيس عن مشاعره بكل الأوجه الممكنة، وتهيِّئ له ذلك بكل السبل.
***
٣ ــ الأداة ((أل)):
هذه الأداة نالت عناية النُّحَاة وانتباههم؛ فبينوا أقسامها ومعانيها، فذكروا أنَّها:
• ((أل)) الموصولة: وذلك إذا اتصلت بها صفة صريحة.
• ((أل)) التعريفية، وهي تنقسم إلى:
- الجنسية، وهي تنقسم إلى:
» مطلق، يعرف بها الجنس مع إيهام كل فرد من أفراده، فهي في قوة ((أي))، نحو الرجل أقوى من المرأة. ومعناها: أي رجل أقوى من أي امرأة.
(١) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٢٠