للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ ــ كسر همزة إِنَّ وفتحها:

قبل أَنْ نناقش علاقة سياق الحال بـ «أَنَّ» نثبت أولا أَنَّ النُّحَاة اقتصروا في هذه المسالة على أنْ قالوا: «يجب كسر همزة: إِنَّ فى كل موضع لا يصح أَنْ تُسبَكَ فيه مع معموليها بمصدر») (١)، ويجب فتحها «فى موضع واحد، هو: أَنْ تقع مع معموليها جزءا من جملة مفتقرة إلى اسم مرفوع، أومنصوب، أو مجرور، ولا سبيل للحصول على ذلك الاسم إلا من طريق مصدر منسبك من أنّ مع معموليها. ففى مثل: شاع أَنَّ المعادنَ كثيرةٌ فى بلادنا. سرنى أَنَّكَ بارٌّ بأهلك، لا نجد فاعلا للفعل: شاع، ولا للفعل: سَرَّ؛ مع حاجة كل فعل للفاعل، ولا وسيلة للوصول إليه إلا بسبك مصدر مؤول من: أنّ مع معموليها») (٢).

لقد اكتفى معظم أئمتنا النُّحَاة بتقرير هذه القواعد عن إنَّ وأنَّ بدون إشارة ملحوظة وواضحة لعلاقتها بالسِّياق، على الرغم من الإشارات المبكرة لسيبويه لهذا الربط السِّياقي.

ومن العبارات اللافتة للنظر التي عثرنا عليها في الكتاب التي تدل على هذا الربط السِّياقي عبارة سيبويه التي يقول فيها عن الحرف «أنَّ»: «وأنَّما وأنَّ إِنَّمَا يصيِّران الكلام شأنًا وحديثًا، فلا يكون الخبر ولا الحديث الرجل ولا زيدًا، ولا أشباه ذلك من الأسماء») (٣).

ويقول في موضع ثان عن أَنَّ: «أَنَّ تجعل الكلام شأنا») (٤). ويخصص بابا يعنونه بـ «باب تكون فيه أَنَّ بدلا من شيء هو الأول» يذكر فيه: «وذلك قولك: بلغتني قصَّتك أَنَّكَ فاعلٌ، وقد بلغني الحديثُ أنَّهم منطلقون، وكذلك القصة وما أشبهها») (٥).

وقد حار الباحث فيما يقصده صاحب الكتاب بهذه الجملة «أَنَّ تجعل الكلام شأنا»، إلى أنْ عثر على تفسير لها عند ابن السرّاج؛ يقول فيه: «أَنَّ المفتوحة الألف مع ما بعدها بتأويل المصدر وهي تجعل الكلام: شأنًا وقصة وحديثًا، ألا ترى أَنَّكَ إذا قلت: علمت أَنَّكَ منطلق، فَإِنَّما هو: علمت


(١) عباس حسن: النحو الوافي، ١/ ٦٤٩
(٢) السابق، ١/ ٦٤٢
(٣) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٣١
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٤٢
(٥) سيبويه: الكتاب، ٣/ ١٣٢

<<  <   >  >>