للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جُرْمٍ. وقال الله عز وجل: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} وهي لغوٌ في أَنَّها لم تُحْدِث إذ جاءت شيئًا لم يكن قبل أَنْ تجيء من العمل، وهي توكيدٌ للكلام») (١).

ث الأداة «مِنْ»: ويقول سيبويه فيها: «وقد تدخل [مِن] في موضعٍ لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيما ولَكِنَّها توكيد بمنزلة ما، إلا أنها تَجُر لأَنَّها حرف إضافة، وذلك قولك: ما أتاني من رجلٍ وما رأيت من أحدٍ. ولو أُخرجت من كان الكلام حسنًا، ولَكِنَّه أَكَّدَ بمن لأَنَّ هذا موضع تبعيضٍ، فأراد أَنَّهُ لم يأته بعضُ الرجال والناس. وكذلك: ويحه من رجلٍ، إِنَّمَا أراد أَنْ يجعل التعجب من بعض الرجال. وكذلك: لي مِلْؤُه من عسلٍ، وكذلك: هو أفضل من زيدٍ، إِنَّمَا أراد أَنْ يفضله على بعضٍ ولا يعم») (٢).

ج الأداة «لا الزائدة»: ويقول سيبويه فيها: ((وأَمَّا لا فتكون كما في التوكيد واللغو. قال الله عز وجل: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} الحديد: ٢٩؛ أي لأَنَّ يعلم») (٣).

ومن خلال تأمُّلنا لهذه النصوص وتحليلها مجتمعة نخرج بالملحوظات الآتية:

• الملحوظة الأولى: في النَّصّ الذي أورده سيبويه مع «مِنْ» الزائدة نقف على قوله: «وقد تدخل [مِن] في موضعٍ لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيما ... ولو أُخرجت مِنْ كان الكلام حسنًا» ونفهم منه: أَنَّه يصح الاستغناء عن «مِنْ» في قولنا: «ما أتاني من رجلٍ» ونقول: «ما أتاني رجلٌ». والذي يُبَرِّرُ هذا الاستغناء ــ كما في عبارة سيبويه ــ أَنَّ الكلام بعد الحذف ظل مستقيما حسنا.

والجملة «المستقيمة» عند سيبويه هي «الكلام المستقيم استقامة نحوِيَّة ودلالية») (٤)، والكلام المستقيم نحويا عنده تتوزع استقامته على ثلاثة أنواع، هي: «المستقيم الحسن، والمستقيم الكذب، والمستقيم القبيح، فكل جملة صحيحة نحويا تُعَدُّ مستقيمة، ولكن الحكم على هذه الاستقامة بالحسن


(١) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٢٢١
(٢) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٢٢٥
(٣) سيبويه: الكتاب، ٤/ ٢٢٢
(٤) د. محمد حماسة عبد اللطيف: النحو والدِّلَالَة، دار الشروق، القاهرة، ط ٢، ) ٢٠٠٠ م (، ص ٦٦، ويقول أستاذنا د. حماسة في الحاشية ذات الرَّقْم امن نفس الصفحة: ((لمصطلح الكلام في كتاب سيبويه معاني كثيرة، من بينها وأكثرها دورانا الجملة)). وينظر أيضا لسيادته: بناء الجملة العَرَبِيَّة، دار غريب، القاهرة، ٢٠٠٣ م، ص ٢١ وما بعدها.

<<  <   >  >>