للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذن ما هو تعريف الكلمة الزائدة؟

سنحاول أَنْ نجتهد ونضع تعريفا للكلمة الزائدة في الجملة، ولكن قبل هذه المحاولة نوجَّه النظر إلى:

o أنَّ القاسم المشترك بين كل الحروف الزائدة هو أنَّها تأتي للتوكيد.

o أنَّ التوكيد درجات، فليس كل التوكيد على درجة واحدة من القوة، فمثلا التوكيد بالنون

«الثقيلة أشد من الخفيفة») (١)، قال السيوطي: «نون التوكيد نوعان خفيفة وثقيلة، والتأكيد بها ــ أي الثقيلة ــ أشد من التأكيد بالخفيفة نصّ عليه الخليل») (٢). وطالما أَنَّ التوكيد على درجات فيمكن أَنْ نقول إِنَّ من التوكيد ما هو ضروري لمصلحة الجملة والسِّياق ومنها ما هو ثانوي. والذي يتحكم في درجة هذه الأهمِيَّة هو بلا شك سياق الحال الذي أبرز مكوناته المُتَكَلِّم وإرادته والمخاطب. فقد نصّ العلماء على أَنَّ هناك «ضروبا من التوكيد لا ينظر فيها إلى حال المخاطب، وإِنَّمَا ينظر فيها المُتَكَلِّم إلى حال نفسه، ومدى انفعاله بهذه الحقائق، وحرصه على إذاعتها، وتقريرها في النفوس كما أحسها مقررة أكيدة في نفسه، وهذا اللون كثير جدا وله مذاقات حسنة») (٣)؛ وفي قوله تعالى {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} يوسف: ٣٢ يقول النُّحَاة معللين لاستخدام الآية لنوني التوكيد الثقيلة والخفيفة: «فَإِنَّ امرأة العزيز كانت أشد حرصًا على سجنه من كونه صاغرًا؛ لأنها كانت تتوقع حبسه في بيتها؛ فتقرب منه وتراه كلما أرادت») (٤).

ونشير إلى أَنَّ التوكيد بـ «إِنَّ» ضرروي لمصلحة السِّياق، والتوكيد بـ «من الزائدة، باء الجر الزائدة، ما الزائدة، لا الزائدة» ثانوي. بناء على هاتين النقطتين وما سبقهما يمكن أَنْ نعرف الكلمة الزائدة بأنَّها «الكلمة التي لو حذفت لم يحدث خللٌ في التركيب النَّحْوِيّ أو الدِّلَالِيّ والتي تأتي لتضيف توكيدًا ثانويا للجملة»، ولا شك أَنَّ هذا التعريف يلعب فيه سياق الحال دورا مهما، فهو الذي يُعَوَّلُ عليه تحديد ضرورية السِّياق للتوكيد أو ثانويته.


(١) الحسن بن قاسم المرادي: الجنى الداني في حروف المعاني، ص ١٤١
(٢) همع الهوامع، ٢/ ٦١١
(٣) د. محمد محمد أبو موسى: خصائص التراكيب دارسة تحليلية لمسائل علم المعاني، مكتبة وهبة، القاهرة ط ٧) بدون تاريخ للطبعة (، ص ٩١
(٤) حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفِيَّة ابن مالك، ٣/ ٣١٤

<<  <   >  >>