للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمّا أَنَّنا نميل بعض الميل للمدرسة الاجتِماعِيَّة في إنكار هذه الثُّنائِيَّة فلأنَّ:

١ ــ اللُّغَة «ظاهرة اجتماعيَّة، وهي ضرب من السلوك الاجتماعِيّ والثقافي»؛ لذلك «فاللُّغَة لا يمكننا فهمها أو درسها وتحليلها أو تعليمها وتعلمها منعزلة عن سياقها الاجتماعِيّ؛ فالمجتمع بكل ما فيه ومن فيه لا بد أَنْ يؤثِّر في اللُّغَة بكل مستوياتها أصواتا وصرفا ونحوا ودلالة وألفاظا» (١)، والحق ــ كما يقول د. محمود عياد ــ «إِنَّ أَيَّة محاولة لتفسير الظواهر اللُّغَوِيَّة المختلفة دون الرجوع إلى المجتمع ــ وذلك ما قامت به المدرسة التوليدِيَّة التحليلِيَّة بكافة فروعها ــ إِنَّمَا هو محاولة عبثِيَّة تنطوي على مثالِيَّة متطرفة، ولن تؤدي هذه المحاولة إلا إلى إجداب الدراسات اللُّغَوِيَّة، فاللُّغَة سلوك اجتماعي يحدده المجتمع في المقام الأول» (٢).

٢ ــ وجود علاقة وثيقة بين اللُّغَة والكلام، فـ «الكلام هو ضرب من السلوك الاجتماعِيّ، ودراسته دون الرجوع إلى المجتمع الذي يستخدم فيه تُعَدُّ عملا خطيرا لعلم اللُّغَة ذاته؛ إذ إِنَّ حرمانه من النظرة الاجتِماعِيَّة يعني الحرمان من تفسيرات اجتماعيَّة للأبنية والصيغ المستخدمة فيه، وهي في نهاية الأمر ــ بعد قبولها ــ لا بدَّ أَنْ ترتَدّ إلى اللُّغَة وتصبح جزءا لا يتجزأ من نظامها الذي تدور حوله اهتمامات علم اللُّغَة» (٣). إِنَّ من المقرر «أَنَّ الأحداث اللُّغَوِيَّة الفعلِيَّة تقع أولا وبتكرارها ووقوعها مرَّات ومرَّات في سياقاتها الاجتِماعِيَّة تحدث انطباعات لها تستقر في ذهن الجماعة أو الفرد، وتصبح بمثابة الأنماط العامة التي يمكن أَنْ تستدعى وتخرج حقيقة واقعة في التعامل في ظروفها المناسبة. ومهما يكن الأمر فالجانبان مترابطان ومتلازمان وجودا وعدما واستقرارا وتطورا، والتجديد في الأول ــ وهو جانب الطاقة أو القواعد والقوانين ــ يأتي نتيجة للتعديل أو التغيير والتطور في الثاني» (٤).

٣ ــ إِنَّنَا في البحوث العلميَّة «لا نُفَرِّق بين ما يسمى لغة الفرد ولغة الجماعة؛ إذ أَنَّنا نعُدّ الفرد جزءا من بيئته، وهو ممثل صحيح لها، وهو في كلامه يراعي ــ بطريق شعوري أو لا شعوري ــ النماذج اللُّغَوِيَّة التي تعارف عليها أعضاء المجتمع» (٥).


(١) د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص ٥٩
(٢) د. هدسون: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص ٧ التمهيد.
(٣) د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص ٥١
(٤) السابق، ص ٢١٩
(٥) السابق، ص ١٥٠

<<  <   >  >>