للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ ــ إنَّ إحدى سهام النقد التي صُوبَت إلى رُوّاد المدرسة البنيوية بعد ذيوعها وانتشارها أنَّهم

«تعاملوا مع اللُّغَة كما يتعاملون مع المواد الكيمياوية التي يمكن تحليلها في المختبر بطريقة علمِيَّة موضوعية لا علاقة لها بالفكر أو المعنى، أو كما يتعاملون مع الظواهر الطبيعِيَّة أو النظريات الرياضية، وأهملوا إهمالا تاما علاقة اللُّغَة بالعقل، كما أهملوا علاقتها القوية جدا بالمجتمع») (١).

وأمَّا ميلنا للمنهج الاجتماعِيّ نفسه فلأَنَّ:

أالأخذ بالمنهج الاجتماعِيّ السِّياقي واعتناق المبادئ التي يقولها «يجعل المعنى سهل الانقياد للملاحظة والتحليل الموضوعي، كما أَنَّ الأخذ به يبعد عن فحص الحالات العقلِيَّة الداخليَّة التي تُعَدُّ لغزا» (٢).

ب في مناهج هذه المدرسة «ما يكفل لنا الوصول إلى نتائج صحيحة خالية من الاضطراب والخلط» (٣).

ت المدرسة التوليدِيَّة التَّحويلِيَّة تنطلق من مبدأ خيالي «هو افتراض وجود متكلم ــ سامع مثالي غير متأثر بالتنوعات أو الفروق الكلامِيَّة في المجتمع». ومن الجدير بالذكر أَنَّ تعديلات أُدخلت على نظَرِيَّة تشومسكي وثنائيته، وقد حاولت هذه التعديلات في نهاية المطاف «الربط بين القواعد الجراماتيكية العميقة) التي تمثل الطاقة (والعمليات الاجتِماعِيَّة، وتحققت فيما سُمِّيَ بعدُ بالطاقة الاتصالِيَّة Commutative Competence» (٤) .

نخلص مما سبق أَنَّ العلاقة بين اللُّغَة والكلام علاقة وثيقة، فاللُّغَة تؤثِّر في الكلام والكلام يؤثِّر في اللُّغَة، فعلاقة التأثير والتأثُّر علاقة متبادلة بين الطرفين. وعند الحديث عن تأثير لسياق الحال على اللُّغَة يعني هذا ضمنا وجود تأثير على الكلام والعكس بالعكس.

بعد إبراز هذه العلاقة الوطيدة بين اللُّغَة والكلام، نتساءل: هل يمكن أَنْ يكون تأثير السِّياق على هذه العلاقة محل نقاش أو جدل؟ ! نقول إِنَّ تأثير سياق الحال على اللُّغَة / الكلام ليس محل نظر، فهو أمر لاجدال فيه، وهذا ما تتابعت أقوال العلماء على تأكيده على اختلاف مشاربهم واهتماماتهم وتخصصاتهم، وتلك طائفة من أقوالهم الصريحة المباشرة التي تبرز هذا التأثير:


(١) د. نايف خرما، د. علي حجاج: اللغات الأجنبية تعليمها وتَعَلُّمها، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، ط ١، ) ١٩٨٨ م (، ص ٣٢
(٢) د. أحمد مختار عمر: علم الدِّلَالَة، عالم الكتب، القاهرة، ط ٥، ) ١٩٩٨ م (، ص ٧٣
(٣) ستيفن أولمان: دور الكلمة في اللُّغَة، ص ٢٥
(٤) د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص ٥٤، وص ٦٠

<<  <   >  >>