للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاريتك، على الإسناد المجازى؟ قلت: نعم؛ إذا دَلَّت الحال. وكذلك الشرط في صحَّة: رأيت أسدًا، وأنت تريد المقدام إِنْ لم تقم حال دالة لم يصح») (١).

• السِّياق كقرينة:

ونجد أيضا في تراثنا النَّحْوِيّ حديثا عن السِّياق من خلال الحديث عن «القرائن»، فمن يتأمَّل تعريف القرينة يلمح ثَمَّة علاقة بينها وبين السِّياق، فالقرينة هي «الدِّلَالَة اللفظِيَّة أو المعنوِيَّة التي تُمَحِّضُ المدلولَ وتصرفه إلى المراد منه، مع منع غيره من الدخول فيه») (٢). وفي تعريفات الجرجاني: «القرينة ــ في الاصطلاح ــ أمر يشير إلى المطلوب، وهي إما حالِيَّة أو معنوِيَّة أو لفظِيَّة») (٣).

وقد اهتَمَّ النُّحَاة وغيرهم من العلماء بالقرائن؛ وذلك لأَنَّ القرينة تعتبر «تُكَأَةً» يُتَّكَأُ عليها عند تحليل النصوص، فهي «عنصر مُهِمّ لفهم الجملة، فبها نعرف الحقيقة من المجاز، ونعرف المقصود للألفاظ المشتركة، ونعرف الذكر والحذف، وخروج الكلام عن ظاهره، وما إلى ذلك مما يحتمل أكثر من دلالة») (٤)؛ لذلك نجدهم يردِّدون مصطلح القرينة والقرائن في كتبهم، من ذلك مثلا:

• قال ابن مالك: «ويحذف الخبر جوازا لقرينة») (٥). وقال: «ومن القرائن المُحَسِّنَةِ لحذف المبتدأ وجود فاء الجزاء داخلة على ما لا يصلح أَنْ يكون مبتدأ، كقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} فصلت: ٤٦؛ أي: فصلاحه لنفسه، وإساءته عليها. فحذف المبتدأ لهذه القرائن وأشباهها جائز») (٦).

• وقال ابن يعيش: «اعلم أنّ الحال قد يُحذف عاملُه إذا كان فعلًا وفي الكلام دلالةً عليه، إمّا قرينةُ حالٍ، أو مَقالٍ») (٧).


(١) الكشاف: ١/ ٦٩، وينظر أيضا تفسيره لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: ٢١، ١/ ٨٤، وينظر هناك كيف استدعى مع تلك الآية مسرحا لغويا مُتَخَيَّلًا لتفسيرها.
(٢) د. محمد سمير اللبدي: معجم المصطلحات النَّحْوِيَّة والصَّرْفِيَّة، ص ١٨٦
(٣) التعريفات، ص ٢٢٣
(٤) د. فاضل السامرائي: الجملة العَرَبِيَّة والمعنى، دار ابن حزم، لبنان، ط ١، ) ٢٠٠٠ م (: ص ٥٩
(٥) شرح تسهيل الفوائد، ١/ ٢٧٥
(٦) شرح تسهيل الفوائد، ١/ ٢٨٧
(٧) شرح المُفَصَّل، ٢/ ٣٢

<<  <   >  >>