للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

o اضطراب القاعدة النحوِيَّة أحيانا:

غياب سياق الحال وإهماله عن التَّقْعِيد لِلُّغَة أمر خطير؛ إذ قد يؤدي إلى الاضطراب في وضع القاعدة وتضاربها في بعض الأحيان وعدم دقتها. ومن الأمثلة التي رصدها الباحث وتدل على ذلك الأمثلة التالية:

أجموع القِلَّة والكثرة:

يقول النحاة إنَّ العربية تفرق بين الجموع؛ فتجعل من الصيغ ما يفيد القِلَّة، ومنها ما يفيد الكثرة. قال ابنُ عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك بعد أنْ أورد بيت ابن مالك عن جموع القِلَّة:

أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُم فِعْلَه ... ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جموع قِلَّة

«جمع التكسير: هو ما دلَّ على أكثر من اثنين، بتغيير ظاهر ... ، وهو على قسمين: جمع قلة، وجمع كثرة، فجمع القِلَّة يدلُّ حقيقة على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة، وجمع الكثرة يدلُّ على ما فوق العشرة إلى غير نهاية، ويستعمل كل منهما في موضع الآخر مجازا») (١).

ويذهبون إلى أَنَّ الجمع الصحيح مثل «مسلمين ــ مسلمات» يفيد القِلَّة، ويعبِّر عن عدد في حدود العشرة، قال السيوطي: «ومن جموع القِلَّة جمع التصحيح قال تعالى: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} البقرة: ٢٩، {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} يوسف: ٤٣») (٢).

وأَنَّها ــ أي جموع القِلَّة ــ تدل على عدد «مبهم ــ أي لا تحديد ولا تعيين لمدلوله ــ ولَكِنَّه لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، بشرط ألا توجد قرينة تدلُّ على أَنَّ المراد الكثرة أو القِلَّة، فعند

عدم القرينة تتعيَّن القِلَّة حتمًا» (٣)، ويزعم النُّحَاة والبلاغيون «أَنَّ العرب كثيرا ما تستعمل جمع القِلَّة مكان جمع الكثرة أو العكس لحكمة ما» (٤)، وأنَّ الجموع «يقع بعضها موقع بعض؛ لاشتراكها في مطلق الجمع» (٥).

ويرى د. إبراهيم أنيس عدم دِقَّة هذا الربط، ويشير إلى أَنَّ «فكرة اختصاص القِلَّة بصيغ، والكثرة بصيغ لم تكن من الظواهر الملتزمة في العربِيَّة» (٦) وأنَّ قول النُّحَاة «أَنَّ العرب كثيرا ما


(١) شرح ابن عقيل: ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، القاهرة، ط ٢٠، ) ١٩٨٠ م (، ٤/ ١١٤
(٢) همع الهوامع: ٢/ ٣٤٨
(٣) أ/ عباس حسن: النحو الوافي، دار المعارف، القاهرة، ط ١١، ) بدون تاريخ للطبعة (، ٤/ ٦٢٨
(٤) د. إبراهيم أنيس: من أسرار اللُّغَة، ص ١٥٣
(٥) د. أحمد مطلوب: معجم المصطلحات البَلاغِيَّة وتطورها، ص ٦٧٣ ــ ٦٧٤
(٦) من أسرار اللُّغَة، ص ١٥٣ ــ ١٥٤

<<  <   >  >>