للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تستعمل جمع القِلَّة مكان جمع الكثرة أو العكس» «يحمل في ثناياه دليل ضعف الرأي الذي ذهبوا

إليه» (١). ويرى د. أنيس أَنَّ الأولى بالنُّحَاة «تفسير مثل تلك الكلمات لا على أَنَّها جمع؛ بل على أَنَّ بعض الكلمات المجموعة قد تفقد فكرة الجمعيَّة على مرِّ الأيام، وتصبح لكثرة دورانها على الألسن والأسماع كَأَنَّما هي مفردة؛ فإذا أريد جمعها اتخذت أمثال تلك الصيغ» (٢).

ومما يؤَيِّد د. أنيس فيما ذهب إليه:

• وجود النصوص الفصيحة الصحيحة التي تشير إلى خلاف ذلك، أي التي تشير إلى عدم دقة ربط أوزان مُعَيَّنَة من الأساس بدلالة جمع قِلَّة أو كثرة، ومن هذه النصوص:

» قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: ٣٧] إِنَّ «المجموع بالألف والتاء للقِلَّة؛ وغرف الجنة لا تحصى» (٣).

» وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: ٣٥]

» وقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]

» وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: ٤٢]

» ومثل قول حسان بن ثابت:

لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحى ... وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما [بحر الطويل]

• ونجد إشارات في كتاب سيبويه تشير إلى تردُّد هذه الجموع بين القِلَّة والكثرة، منها قوله:

«واعلم أَنَّ لأدنى العدد أبنيةٌ هي مختصَّة به، وهي له في الأصل، وربَّما شركه فيه الأكثر، كما أَنَّ الأدنى ربَّما شرك الأكثر») (٤)، وقوله: «وربَّما عنوا ببناء أكثر العدد أدنى العدد، كما فعلوا ذلك بما ذكرنا من بنات الثلاثة، وذلك قولهم: ثلاثةُ جدرٍ») (٥).

• وها هو الزَّمَخْشَرِيّ يؤكد نفس الفكرة فيقول: «الجموع يتعاور بعضها موقع بعض، لالتقائهما في الجمعيَّة، كقوله {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الدخان: ٢٥») (٦).


(١) السابق: ص ١٥٤
(٢) السابق: ص ١٥٤
(٣) السابق: ص ٦٧٣
(٤) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٤٩٠
(٥) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٦٠١
(٦) الكشاف: ١/ ٨٩

<<  <   >  >>