للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِنَّ سياق الحال حاضر في رأي د. أنيس في نقده لهذه القاعدة، والباحث يؤَيِّد هذا الرأي ويقول إِنَّ الحكم على دلالة جمع ما بقِلَّة أو بكثرة متروك للسياق، بدون ربط «حتمي» لأوزان مُعَيَّنَة بدلالةٍ على القِلَّة أو الكثرة كما نصّ صاحب النحو الوافي، وفيما أوردنا من أمثلة ما يؤَيِّد ذلك، ولما يقرِّرُه علمُ الدِّلَالَة من أَنَّ المفردات لا تستقرُّ على حال؛ وذلك لأَنَّ «الحياة تشجِّع على تغير المفردات؛ لأَنَّها تضاعف الأسباب التي تؤثر في الكلمات، فالعلاقات الاجتِماعِيَّة والصناعات، والعُدد المتنوعة تعمل على تغير المفردات، وتقصي الكلمات القديمة، أوتحور معناها، وتتطلب خلق كلمات

جديدة» (١).

ومن النُّحَاة المعاصرين الذين تناولوا هذه القضية أيضا د. فاضل السامرائي، وأشار سيادته إلى أَنَّه «قد يستغنى بجمع عن جمع؛ فيستعمل جمع القِلَّة للقِلَّة والكثرة») (٢). وأضاف أَنَّه يعدل عن استعمال القِلَّة موضع الكثرة والعكس «لضرب من البلاغة») (٣).

أنفي النفي:

تتردد في كثير من المراجع النحوِيَّة هذه المقولة:

«نفي النفي إثبات» (٤)،

• وأحيانا ترد «نفي النفي إيجاب» (٥)،

• وفي أحيان ثالثة ترد «نفي النفي إزالة للنفي» (٦).

وهذه المقولة تُورَدُ مورد الحقيقة المُسَلَّم بها، بلا نقاش وبلا جدال؛ لأَنَّها حقيقة «معروفة ولازمة ومقطوع بها» عند كثير من العلماء:

• يقول ابن الحاجب: « ... ؛ فيؤدي إلى معنى الإثبات؛ إذ نفي النفي إثبات قطعًا») (٧).


(١) د. رمضان عبد التواب: التطور اللغويّ، ص ١١ ــ ١٢.
(٢) معاني الأبنية في العَرَبِيَّة: دار عمار، الأردن، ط ٢، ) ٢٠٠٧ م (، ص ١١٨
(٣) السابق: ١٢١
(٤) يُنْظَر على سبيل المثال: عباس حسن: النحو الوافي، ١/ ٥٦٢، ١/ ٦٠٣
(٥) أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة، ) بدون تاريخ للطبعة (، ٢/ ١٧٥
(٦) أبو العرفان محمد بن علي الصبان: حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفِيَّة ابن مالك، دار الكتب العلمِيَّة بيروت ــ لبنان، ط ١) ١٩٩٧ م (، ١/ ٣٦٣
(٧) أمالي ابن الحاجب: ت: د. فخر صالح سليمان، دار عمار، الأردن، ط ١، ) ١٩٨٩ م (، ١/ ١٤٦

<<  <   >  >>