للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وجاء في حاشية الصَّبَّان: «ونفي النفي يستلزم الثبوت») (١).

• ويقول الأستاذ عباس حسن: « ... ومثل نفي آخر بعده يزيل أثره، ويجعل الكلام مثبتا؛ لأَنَّ نفي النفي إثبات كما هو معروف») (٢).

• ومن المفسرين من قال: «ومن المعلوم أَنَّ نفي النفي إثبات») (٣).

والحق أَنَّ هذه العبارة تتردِّدُ بكثرة في كثير من المصادر والمراجع.

ولَعلَّ أول من تنبَّه لعدم دِقَّة هذه المعلومة وأنَّ فيها نظرًا العلامةُ محمد محيي الدين عبد الحميد (٤) ــ طيَّب الله ثراه ــ في كتابه «الانتصاف من الإنصاف» الذي طبع على هامش كتاب

«الإنصاف في مسائل الخلاف»، فقال ــ رحمه الله ــ في نقد هذه المقولة: «هذه مغالطة ظاهرة، لا يجوز أَنْ تأخذ بها، ولا أَنْ تجدها صحيحة ... ،

وذلك لأَنَّ النفي إذا دخل على النفي لا يكون الكلام إيجابًا على الإطلاق، وبيان هذا أَنَّ النفي الداخل على النفي يكون على أحد وجهين: الأول: أَنْ يكون المراد به نفي النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام إثباتا وإيجابا؛ لأَنَّ نفي النفي إيجاب، والوجه الثاني: أَنْ يكون المراد بالنفي الثاني تأكيد النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام نفيًا مؤكدًا، ولا يكون إثباتا أصلا، وذلك وارد) أي يشبه (في التوكيد اللفظي فإِنَّهُ إعادة اللفظ الأول بنفسه أو بمرادفه» (٥).

وبالتأكيد لا نقول إِنَّ نفي النفي يفيد التوكيد وهو الوجه الثاني الذي أشار إليه الشيخ محيي الدين إلا بالاعتماد على سياق الحال. وهذا ما يؤكده د. إبراهيم أنيس عند حديثه عن النفي اللغويّ


(١) ٢/ ٢٢
(٢) النحو الوافي: ٤/ ٣٥٦
(٣) الإمام البقاعي: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط ١، ) بدون تاريخ للطبعة (، ٩/ ٣٢٧
(٤) العلامة شيخ العلماء المحققين الدءوبين، ولد في ٢٣/ ٩/ ١٩٠٠ م، توفي في ٣٠/ ١٢/ ١٩٧٢ م، شغل العديد من المناصب العلمِيَّة، يمثل فلسفة لغَوِيَّة لها منهجها ودقتها وعمقها، عني بكتب التراث وتحقيقها تحقيقا علميا دقيقا وهو أشهر شارح ومفسر لكتب القدماء في مختلف فنون العلم. يُنْظَر ترجمة وافية عنه: د. محمد رجب الفيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، مجمع البحوث الإسلامية ــ الأزهر، القاهرة، ) ١٩٨٤ م (، ٤/ ١٦٤
(٥) الانتصاف من الإنصاف، على هامش الإنصاف في مسائل الخلاف، طبعة دار الطلائع، القاهرة، ) بدون تاريخ للطبعة (، ٢/ ١٧٥

<<  <   >  >>