للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي أمامهم. فمن الممكن أَنْ يلقي أحد الممثِّلين فقرة ما بصوت جهير ويلقيها آخر همسا. ولا يكون السِّياق خارج النَّصّ غائبا لدى القراء فحسب، بل لدى الكاتب كذلك، وافتقاد السِّياق الذي يمكن التحقق منه هو عادة ما يجعل الكتابة نشاطا متعبا إلى حد يفوق الإلقاء الشفاهي على جمهور حقيقي») (١).

ب «وتنتج الثقافات الشفاهية ــ في الواقع ــ أداءات لسانية مليئة بالقوة والجمال، وذات قيمة فنية وإنسانية عالية، أداءات لا تعود ممكنة في اللحظة التي تستحوذ فيها الكتابة على النفس البشرية») (٢).

ت «تختلف حالة الكلمات في نصّ ما اختلافا تامًّا عن حالتها في الخطاب المنطوق. وعلى الرغم من أَنَّ الكلمات المكتوبة تشير إلى الأصوات، وأَنَّها لا يكون لها معنى إلا إذا أمكن وصلها ــ ظاهريا أو في الذهن ــ بالأصوات، وعلى نحو أدقّ بالفونيمات التي تحولها إلى رموز؛ فَإِنَّها تظل معزولة عن السِّياق الكامل الذي تبرز من خلاله الكلمات المنطوقة إلى الوجود؛ فالكلمة في موطنها الشفاهيّ الطبيعي تمثل جزءا من حاضر وجودي حقيقي، والقول المنطوق إِنَّمَا يصدر عن شخص حقيقي حيّ إلى شخص أو أشخاص آخرين حقيقيِّين أحياء، في لحظة زمَنِيَّة بعينها في موقف حقيقي يتضمن دائما ما يتجاوز مجرد الكلمات. فالكلمات المنطوقة هي دائما تعديلات على موقف يضم أمورا غير الكلام أيضا فهي لا تقوم أبدا بذاتها، في سياق لا يشمل سوي الكلمات») (٣).

ث «وتشترك هذه الخصائص في سمة أساسية، تتمثل في العلاقة الفريدة للصوت بدخيلة الإنسان، وذلك عندما نقارن الصوت ببقية الحواس، وهذه العلاقة مُهِمَّة بسبب داخلية كل من الوعي والتواصل الإنسانيين») (٤).

من خلال الاقتباسات السابقة يضع والتر ج. أونج أيدينا على مجموعة الحقائق المُهِمَّة التالية:

» الكلام الشفاهي مرتبط لا محالة بالتنغيم.

» الكلام الشفاهي يرتبط بأداءات لسانية مليئة بالقوة والجمال ذات قيمة إنسانية وفنية عالية، لا يمكن أَنْ توجد في الكتابة.

» الكلام الشفاهي يرتبط بشخص حي في لحظة زمَنِيَّة بعينها في موقف حقيقي.


(١) الشفاهية والكتابية: ترجمة: د. حسن البنا عز الدين، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، ع ١٨٢، ط ١، ) ١٩٩٤ م (، ص ١٩٣
(٢) السابق، ص ٦٥
(٣) السابق، ص ١٩٢
(٤) السابق، ١٤٧

<<  <   >  >>