ومما هو جدير بالنظر ويستحق التسجيل هنا، أَنَّ هذه الأمثلة وخاصة الأمثلة: ١، ٢، ٣، ردَّدَها النُّحَاة من بعد سيبويه بنصِّها تقريبا، ومنهم ــ بحسب الترتيب الزمني ــ الأسماء الآتية:
١ ــ المُبَرِّد) ت: ٢٨٥ هـ (، في كتابه: ((المقتضب))، ٢/ ٣١٨، ٤/ ١٢٩
٢ ــ ابن السرّاج) ت: ٣١٦ هـ (، في كتابه: ((الأصول))، ٢/ ٢٤٧
٣ ــ ابن جني) ت: ٣٩٢ هـ (، في كتابه: ((الخصائص))، ١/ ٢٦٥، ٢/ ٣٦٢
٤ ــ الزَّمَخْشَرِيّ) ت: ٥٣٨ هـ (، في كتابه: ((المُفَصَّل في صنعة الإعراب))، ١/ ٥٨
٥ ــ العُكْبَرِيّ) ت: ٦١٦ هـ (، في كتابه: ((اللباب في علل البناء والإعراب))، ١/ ٤٦٦
٦ ــ ابن يعيش) ت: ٦٤٣ هـ (، في كتابه: ((شرح المُفَصَّل))، ١/ ٣١١
٧ ــ ابن مالك) ت: ٦٧٢ هـ (، في كتابه: ((شرح تسهيل الفوائد))، ١/ ٢٥٧
٨ ــ بدر الدين المُرَادي) ت: ٧٤٩ هـ (، في كتابه: ((الجنى الداني))، ص ١٩٤
٩ ــ ابن هشام) ت: ٧٦١ هـ (، في كتابه: ((أوضح المسالك إلى ألفِيَّة ابن مالك))، ٢/ ١٥٦
١٠ ــ الأشموني) ت: ٩٠٠ هـ (، في كتابه: ((شرح الأشموني على ألفِيَّة ابن مالك))، ١/ ١٧٦
١١ ــ خالد الأزهري) ت: ٩٠٥ هـ (، في كتابه: ((التصريح بمضمون التوضيح))، ١/ ٤٧٣
١٢ ــ السيوطي) ت: ٩١١ هـ (، في كتابه: ((همع الهوامع))، ١/ ٣٠٩
١٣ ــ الصَّبَّان) ت: ١٢٠٦ هـ (، في كتابه: ((حاشية الصَّبَّان))، ١/ ٢٦١
هذه القائمة التي تضم فحولا من النُّحَاة تدل على أَنَّهم وقفوا على البعد السِّياقي الاجتماعِيّ عند تقعيدهم وتوجيههم النَّحْوِيّين، وأنَّهُم كانوا على دراية به. ولكنْ يبدو أنَّ هذا الجانب لم يتلق مزيد عناية منهم.
ونلاحظ في هذه النصوص أَنَّ سيبويه يرسم ويوضح أركان مسرح الحدث اللغويّ لكي يصل من خلاله للقاعدة التي عقد لها الباب.
ونجد مجموعة أخرى من النصوص يبدو فيها أَثَر لسياق الحال، ولَكِنَّه أَثَر غير واضح يتطلب فضل تأمل للوقوف عليه، مثال ذلك:
١ ــ إذا كرَّرنا اللفظة «أنت» مرتين وقلنا: «أنت أنت»، فقد تكون هاتان اللفظتان توكيدًا لفْظِيًّا في جملة، وقد يكونان هما بذاتهما جملة، وهذا ما يفهم من نصّ سيبويه التالي: قال سيبويه نقلا عن الخليل «وتقول: قد جربتُك فوجدتك أنت أنت، فأنت الأولى مبتدأة والثانية مبنية عليها؛ كَأَنَّك قلت: فوجدتك وجهك طليق، والمعنى أَنَّكَ أردت أَنْ تقول: فوجدتك أنت الذي أعرف.