لأن ذا الخويصرة بال في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه، رواه البخاري [٢٢١].
فلو لم يكن مطهرا له .. لم يأمر به؛ لأن صب الماء حينئذ يزيد النجاسة.
وعبارة المصنف أحسن من قول (المحرر): إجراء الماء؛ لأنه لا فرق بين إجرائه، وجريه بنفسه كمطر أو سيل.
والمراد بـ (الجري): وصول الماء إلى المحل بحيث يسيل عنه زائدا على التضح.
نعم صرح الجرجاني في (البلغة) باستحباب كون الماء سبعة أمثال الخمر والبول.
قال:(وإن كانت .. وجب إزالة الطعم)، أي: إذا كانت النجاسة عينية .. وجب بعد إزالة العين إزالة الطعم وإن عسر وشق؛ لأنه يدل على بقاء النجاسة.
ويظهر تصوير ذلك بما إذا دميت لثته؛ لأن ذوق المحل لاختباره لا يجوز.
قال:(ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زواله)، كلون دم الحيض والخضاب النجس في البدن، ورائحة الخمر العتيقة، وبعض أنواع العذرة للضرورة؛ لما روي عن خولة بنت يسار قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض، فال:(اغسليه)، فقلت: أغسله فيبقى أثره، فقال:(يكفيك ولا يضرك أثره) رواه أحمد [٢/ ٣٨٠] وأبو داوود [٣٦٥] والبيهقي [٢/ ٤٠٨] والطبراني [طب ٢٤/ ٢٤١]، لكن في روايته ابن لهيعة وهو ضعيف.
وتعبير المصنف بـ (لا يضر) يفهم: أن المحل لا يطهر، بل يعفى عنه كأثر الاستنجاء ودم البراغيث، وهو الذي أبداه الرافعي احتمالا.
والذي عليه الأكثرون: القول بالطهارة؛ لأنه لو كان معفوا عنه .. لتنجس الثوب المبلول إذا أصابه، وهنا لا ينجس بإصابة البلل.
وقد روت عائشة رضي الله عنها: أن نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم سألنه عن دم الحيض يصيب الثوب ويبقى فيه لون الدم بعد الغسل، فقال:(الطخنه بزعفران)، كذا استدل به الرافعي، وهو غريب.