قال:(فإن فقدهما .. فالقاضي)؛ لأنه نائب الغائبين، وفقدهما إما لغيبة أو توار أو حبس مع تعذر الوصول إليه، ويجب على القاضي قبولها في هذه الحالة؛ لأن المالك لو كان حاضرًا .. لزمه القبول، فينوب عنه الحاكم عند الغيبة، كما لو خطبت المرأة ووليها غائب.
روى البيهقي وأصحاب السير: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر .. أمر عليًا أن يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس، وأنه أقام ثلاثة أيام ولياليها حتى أداها.
وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم سلمها لأم أيمن وأمر عليًا بردها.
ولم يكن أحد بمكة عنده شيء يخشى عليه إلا أودعه النبي صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من صدقه وأمانته.
وقال الشيخ: إن هذا لم يكن إيداعًا من النبي صلى الله عليه وسلم عند علي ولا عند أم أيمن، وإنما هو استعانة بهما في رد تلك الودائع إلى أصحابها، كما يستعان في حملها إلى الحرز ونحوه، والرد منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن رد النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ممكنًا، لأنه كان في سفر واجب، وهي الهجرة التي لا عبادة بعد الإيمان أفضل منها.
وهل يجب عليه الإشهاد على الأمين؟ وجهان: فإن أوجبناه فتركه .. ضمن، وإلا .. فلا، قاله الماوردي.
وعلى المذهب: إذا خالف هذا الترتيب، فدفعها إلى الحاكم، أو أمين مع إمكان الدفع إلى المالك، أو وكيله .. ضمن، فإن دفع إلى أمين مع وجود الحاكم .. ضمن في الأصح، وبه قال أحمد؛ لأن عدالة الحاكم متفق عليها.