وَيُطَالَبُ عَامِلٌ وَمُكَاتَبٌ وَغَارِمٌ بِبَيّنَةٍ, وَهِيَ: إِخْبَارُ عَدْلَيْنِ, وَتُغْنِي عَنْهَا الِاسْتِفَاضَةُ,
ــ
وعبارته تفهم: أنه إذا خرج ثم رجع ومعه شيء .. لا يسترد, وليس كذلك, بل يسترد من ابن السبيل مطلقًا, وكذا من الغازي إذا غزا ورجع وفضل معه شيء صالح, وكذلك المكاتب والغارم كما تقدم.
قال: (ويطالب عامل ومكاتب وغارم ببينة)؛ لأنه يدعي أمرًا ظاهرًا تسهل إقامة البينة عليه.
وصورة ذلك: إذا أتى إلى رب المال وطالبه وجهل حاله, أما الإمام .. فلا يطالبه بالبينة؛ لأنه يعلم حاله, وهو الذي يبعثه فلا تأتي البينة فيه, وهكذا المؤلف؛ فإنه الذي يتألفه.
ويستثنى من مطلق الغارم: الغارم لذات البين, فلا حاجة فيه إلى بينة؛ لشهرة أمره, قاله الشيخ أبو حامد والماوردي والقاضي حسين وغيرهم, وجرى عليه ابن الرفعة, وفي كلام (البيان) ما يخالفه.
قال: (وهي: إخبار عدلين) كسائر الشهادات, وهذه العبارة تقتضي: أنه لا يشترط لفظ الشهادة, ولا تقدم دعوى, ولا سماع قاض, بل المراد: إخبار عدلين على صفة الشهود, بل قيل: يكفي واحد إذا حصل الوثوق بقوله, والمقالتان مفرعتان على قبول الاستفاضة.
قال: (وتغني عنها الاستفاضة)؛ لأنها كالبينة, بل أقوى؛ لأنها تفيد العلم غالبًا, واستأنسوا بحديث قبيصة المتقدم فإن أدنى ما تحصل به الاستفاضة ثلاثة, وفي (التنبيه): أقلها اثنان, لكن سيأتي في (الشهادات) أن شرطها: السماع من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب.
وقيل: أراد بالثلاثة رجلاً وامرأتين.