للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ عُلِفَتْ طَاهِرًا فَطَابَ .. حَلَّ

ــ

الثاني: لا تحرم الزروع والثمار التي سقيت بالمياه النجسة وإن كثر الزبل والنجاسة في أصولها؛ لأنه لا يظهر أثر النجاسة ورائحتها فيه.

والذي أصاب البقل من ذلك الماء النجس يطهر بالغسل، ولذلك قيل: كل البقل ولا تسأل عن المبقلة.

الثالث: قال الشيخ عز الدين: لا يحرم أكل النقانق والشواء والهرائس وإن كانت لا تخلو من الدم غالبًا؛ فإن دم المذكاة لا يتحقق له انصباب عن محل الذكاة إلى سائر الجسد، ومحل الذكاة واجب الغسل ولم تجر العادة بأنه لا يغسل.

الرابع: الجبن الصقلي: إن تحققنا نجاسته وأن فيه أنفحة خنزير .. لم يؤكل، وإن لم نتحقق ذلك .. جاز أكله؛ لما روى أبو داوود [٣٨١٥] عن ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجبنة من تبوك، فدعى بسكين فسمى وقطع).

وروى [١٠/ ١٢] البيهقي عن سلمان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: (إن الله أحل حلالاً وحرم حرامًا، فما أحل .. فهو حلال، وما حرم .. فهو حرام، وما سكت عنه .. فهو عفو)

وفي هذه النصوص ما يدل على جواز أكله وبيعه، ومن قصد الورع بترك ذلك .. فقد استبرأ لدينه وعرضه، لكن الورع لا يلزم كل الناس.

والخامس: قال أبو حيان التوحيدي في كتاب (الإمتاع والمؤانسة): إن الكلب الكلِب إذا عض حيوانًا وذبح ذلك الحيوان .. لا يحل أكله؛ لأن من أكله .. كَلِب.

قال: (فإن علفت طاهرًا فطاب .. حل)؛ لزوال العلة، ولا تقدير للعلف، وحده الماوردي بأربعين يومًا في البعير وثلاثين في البقرة وسبعة في الشاة وثلاثة في الدجاجة؛ لأن الغالب زوال التغير بذلك، والقائل بهذا لا يرى ذلك محتومًا، بل متى زال النتن .. زال.

فإن زالت الرائحة لا بالعلف بل بالغسل أو الطبخ أو التشميس أو بمضي الزمان .. لم يَزُل التحريم ولا الكراهة، وعلى هذا: يشكل الفرق بين هذا وبين الماء النجس إذا زال تغيره بنفسه .. فإنه يطهر، وهذه لا يزول حكمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>