وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعلٍ كَزِنًا وَغَصْبٍ وَإتْلاَفٍ وَوِلاَدَةٍ إِلا بِالإبْصَارِ, وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَم, وَالأَقْوَالُ كَعَقْدٍ يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا,
ــ
قال: (ولا تجوز شهادة على فعل كزنًا وغصب وإتلاف وولادة إلا بالإبصار) أي:
لها ولفاعلها, لأنه يصل به إلى العلم من أقصى جهاته, ولا يكفي السماع, لأن الأصل فى الشهادة البناء على العلم واليقين, قال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ, وقال: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}.
وتقدم في أول الباب حديث: (على مثل هذا فاشهد أو دع (إلا أن فى الحقوق ما اكتفى فيه بالظن المؤكد, لتعذر اليقين فيه وتدعو الحاجة إلى إثباته كالملك, فإنه لا سبيل إلى معرفته يقينًا, وكذلك العدالة والإعمار.
وقسم الشافعى والأصحاب المشهود به ثلاثة أقسام: ما يتوقف على البصر خاصة, وما يتوقف على السمع دون البصر, وما يتوقف عليهما معًا, وهو لا ينحصر فى ذلك, فإن الشهادة تجوز بما علم بباقى الحواس الخمس.
فأما الذي يكفي فيه البصر دون السمع .. فالأفعال كالزنا والشرب والقتل والغصب والإتلاف والولادة والرضاع والاصطياد, فتشترط فيه الرؤية لها ولفاعلها, لأنها مشتقة من المشاهدة التى هى أقوى الحواس إدراكًا, فلم يجز أن يشهد إلا بأقوى أسباب العلم إدراكًا, ويجوز تعمد النظر إلى ما تحت الثياب للتحمل على ظاهر النص, لأن الزانيين هتكا حرمة أنفسهما.
وقيل: عكسه: لأن الزنا مندوب إلى ستره, وحقوق الله تعالى مبنية على المساهلة.
ولو وقعت فى يد امرأة أكلة .. جاز للرجل أن يراها ويداويها.
ولا خلاف أنه يتعمد النظر إلى الوجه عند تحمل الشهادة لها وعليها, وكذا عند الأداء إن كان لا يعرفها, ليضبط حلاها, إلا أن يخاف الفتنة فلا ينظر, ويكف نفسه عن الشهادة إلا أن تكون متعينة فينظر ويضبط نفسه.
قال: (وتقبل من أصم) لحصول العلم له بالمشاهدة.
قال: (والأقوال كعقد يشترط سمعها وإبصار قائلها) فلابد من مشاهدة المقر أو