فَصلٌ:
إذَا مَلَكَ أَهلٌ تَبَرُّعٍ أَصلَهُ أو فَرعَهُ .. عَتَقَ,
ــ
قال: (فصل:
إذا ملك أهل تبرع أصله أو فرعه .. عتق) أي: عليه, قال ابن المنذر: أجمعوا على ذلك, زكأنه لم يعبأ بخلاف داوود.
واستدل لعتق الأصول بقوله تعالى: {واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} ولا تأتي خفض الجناح مع الاسترقاق.
وفي (صحيح مسلم) [١٥١٠] عن عمران بن حصين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه).
وهذه الرواية محمولة على الرواية الأخرى (فيعتق عليه).
وظن داوود أن الرواية بنصب (فيعتقه) عطفًا على (فيشتريه) فيكون الولد هو المعتق فقال: لا بد من إنشاء عتق, ولا يعتق بمجرد الملك شيء.
والمشهور في الرواية الرفع, والضمير عائد على المصدر المحذوف الذي دل عليه الفعل, تقديره: فيعتقه الشراء, وعلى النصب ينعكس المعنى, والصواب الرفع, وتؤيده رواية (عتق عليه) , وفي أخرى (فهو حر).
وأما عتق الفرع .. فلقوله تعالى: {وقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} , وقوله تعلى: {ومَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ ولَدًا (٩٢) إن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ إلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} , فدل على أنه لا تجتمع بنوة وملك.
ولأن الله تعالى سمى أولد الرجل باسم نفسه فقال: {قُوا أَنفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ نَارًا} , وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ ولَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ}.
ولا فرق بين أن يدخل في ملكه قهرًا أو اختيارًا, بعوض أو بلا عوض, والتقييد ب (أهل التبرع) تبع فيه (المحرر) , ولم يذكره في (الروضة).