وإنما كان الاعتبار من الطرف الذي يلي السامع؛ لأن البلد قد يكون كبيرا لا يبلغ النداء، من وسط أطرافه، فاعتبر آخر موضع يصلح لإقامة الجمعة فيه؛ احتياطا للعبادة. وإذا سمع ذلك بعض أهل القرية .. وجب على جميع أهلها المكلفين بالجمعة.
وقيل: يعتبر السماع من وسطها.
وقيل: من المكان الذي تصلى فيه الجمعة.
وقيل: يشترط أن يكون المنادي في مكان عال كمنارة أو سور، والأكثرون على عدم اعتبار هذا إلا بطبرستان؛ فإنها بين أشجار وغياض تمنع بلوغ الأصوات.
ومقتضى كلام الكتاب و (المحرر) - وهو الأصح في (الشرح الصغير):- أن العبرة ببلوغ الصوت سواء ارتفعت القرية، أو موضع النداء، أو هما، أولا.
والمرجح في (الكبير) و (الروضة) و (شرح المهذب): أن العبرة بتقدير الاستواء، فلو سمعت العالية، ولو ساوت لم تسمع .. فلا جمعة عليها. ولو لم تسمع المنخفضة، ولو ساوت لسمعت النداء .. لزمها وهو الأصح، وإلا لزم أن تجب على البعيدة العالية دون القريبة المنخفضة وهو بعيد.
وحديث:(الجمعة على من سمع النداء) محمول على الغالب.
فرع:
إذا دخل أهل الفرية المصر فصلوها فيه .. سقط الفرض عنهم وكانوا آثمين؛ لتعطيلهم الجمعة في قريتهم، وفيه وجه: أنهم غير آثمين؛ للخروج من خلاف أبي حنيفة.
قال:(ويحرم على من لزمته السفر بعد الزوال)؛ لأن فرض الجمعة توجه عليه بدخول الوقت فلا يجوز تفويته بالسفر.
وروى الدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من سافر من دار إقامته يوم الجمعة .. دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره، ولا يعان على حاجته).